[طَبَّقَ الْحَرَامُ الْأَرْضَ وَانْسَدَّتْ طُرُقُ الْمَكَاسِبِ الطَّيِّبَةِ وَمَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى الزِّيَادَةِ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ]
الْمِثَالُ السَّابِعُ:
أَنَّهُ لَوْ طَبَّقَ الْحَرَامُ الْأَرْضَ، أَوْ نَاحِيَةً مِنَ الْأَرْضِ يَعْسُرُ الِانْتِقَالُ مِنْهَا وَانْسَدَّتْ طُرُقُ الْمَكَاسِبِ الطَّيِّبَةِ، وَمَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى الزِّيَادَةِ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ فَإِنَّ ذَلِكَ سَائِغٌ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ، وَيَرْتَقِيَ إِلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فِي الْقُوتِ وَالْمَلْبَسِ وَالْمَسْكَنِ، إِذْ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ لَتَعَطَّلَتِ الْمَكَاسِبُ وَالْأَشْغَالُ، وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ فِي مُقَاسَاةِ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَهْلِكُوا، وَفِي ذَلِكَ خَرَابُ الدِّينِ. لَكِنَّهُ لَا يَنْتَهِي إِلَى التَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ، كَمَا لَا يَقْتَصِرُ عَلَى مِقْدَارِ الضَّرُورَةِ.
وَهَذَا مُلَائِمٌ لِتَصَرُّفَاتِ الشَّرْعِ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى عَيْنِهِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَجَازَ أَكْلَ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ، وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ. . . وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْخَبَائِثِ الْمُحَرَّمَاتِ.
وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ الشِّبَعِ عِنْدَ تَوَالِي الْمَخْمَصَةِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا إِذَا لَمْ تَتَوَالَ. هَلْ يَجُوزُ لَهُ الشِّبَعُ أَمْ لَا؟ وَأَيْضًا فَقَدَ أَجَازُوا أَخْذَ مَالِ الْغَيْرِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَيْضًا. فَمَا نَحْنُ فِيهِ لَا يَقْصُرُ عَنْ ذَلِكَ.
وَقَدْ بَسَطَ الْغَزَالِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي " الْإِحْيَاءِ " بَسْطًا شَافِيًا جِدًّا، وَذَكَرَهَا فِي كُتُبِهِ الْأُصُولِيَّةِ كـ " الْمَنْخُولِ " وَ " شِفَاءِ الْغَلِيلِ ".
[قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ]
الْمِثَالُ الثَّامِنُ:
أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ. وَالْمُسْتَنَدُ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ الْمُرْسَلَةُ، إِذْ لَا نَصَّ عَلَى عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.
وَوَجْهُ الْمَصْلَحَةِ أَنَّ [دَمَ] الْقَتِيلِ مَعْصُومٌ، وَقَدْ قُتِلَ عَمْدًا، فَإِهْدَارُهُ دَاعٍ أَنَّهُ إِلَى خَرْمِ أَصْلِ الْقَصَاصِ، وَاتِّخَاذِ الِاسْتِعَانَةِ وَالِاشِتِرَاكَ ذَرِيعَةً إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute