للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّمَانُ فَيَظُنُّ الصَّغِيرُ إِذَا نَشَأَ أَنَّ مَسْحَ الْجَبْهَةِ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ سُنَّةٌ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا فِي مُبَاحٍ، فَكَيْفَ بِهِ فِي الْمَكْرُوهِ أَوِ الْمَمْنُوعِ؟

وَلَقَدْ بَلَغَنِي فِي هَذَا الزَّمَانِ عَنْ بَعْضِ مَنْ هُوَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْخَمْرِ: لَيْسَتْ بِحَرَامٍ وَلَا عَيْبَ فِيهَا، وَإِنَّمَا الْعَيْبُ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا مَا لَا يَصْلُحُ كَالْقَتْلِ وَشِبْهِهِ.

وَهَذَا الِاعْتِقَادُ لَوْ كَانَ مِمَّنْ نَشَأَ فِي الْإِسْلَامِ كَانَ كُفْرًا، لِأَنَّهُ إِنْكَارٌ لِمَا عُلِمَ مِنْ دِينِ الْأُمَّةِ ضَرُورَةً.

وَسَبَبُ ذَلِكَ تَرْكُ الْإِنْكَارِ مِنَ الْوُلَاةِ عَلَى شَارِبِهَا، وَالتَّخْلِيَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اقْتِنَائِهَا، وَشُهْرَتُهُ بِحَارَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهَا، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ.

وَلَا مَعْنَى لِلْبِدْعَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ فِي اعْتِقَادِ الْمُبْتَدِعِ مَشْرُوعًا وَلَيْسَ بِمَشْرُوعٍ.

وَهَذَا الْحَالُ مُتَوَقَّعٌ أَوْ وَاقِعٌ، فَقَدْ حَكَى الْقَرَافِيُّ عَنِ الْعَجَمِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ السِّتَّةَ الْأَيَّامِ مِنْ شَوَّالٍ مُلْحَقَةٌ عِنْدَهُمْ بِرَمَضَانَ، لِإِبْقَائِهِمْ حَالَةَ رَمَضَانَ الْخَاصَّةَ بِهِ كَمَا هِيَ إِلَى تَمَامِ السِّتَّةِ الْأَيَّامَ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ عِنْدَنَا مِثْلُهُ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ.

وَجَمِيعُ هَذَا مَنُوطٌ إِثْمُهُ بِمَنْ يَتْرُكُ الْإِنْكَارَ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، أَوْ مَنْ يَعْمَلُ بِبَعْضِهَا بِمَرْأَى مِنَ النَّاسِ أَوْ فِي مَوَاقِعِهِمْ، فَإِنَّهُمُ الْأَصْلُ فِي انْتِشَارِ هَذِهِ الِاعْتِقَادَاتِ فِي الْمَعَاصِي أَوْ غَيْرِهَا.

[نُشُوءُ الْبِدَعِ]

وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْبِدْعَةُ تَنْشَأُ عَنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>