للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرِيعَةِ لَا غَيْرُهُ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا} [الأنعام: ١٤٤] تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِمَّا شَرَعَهُ فِي مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ: ثُمَّ قَالَ: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٤٤] فَثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْفِرَقَ إِنَّمَا افْتَرَقَتْ بِحَسْبِ أُمُورٍ كُلِّيَّةٍ اخْتَلَفُوا فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[إِذَا قُلْنَا هَذِهِ الْفِرَقُ كُفَّارٌ فَكَيْفَ يُعَدُّونَ مِنَ الْأُمَّةِ]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ

إِنَّا إِذَا قُلْنَا بِأَنَّ هَذِهِ الْفِرَقَ كُفَّارٌ - عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِهِ - أَوْ يَنْقَسِمُونَ إِلَى كَافِرٍ وَغَيْرِهِ فَكَيْفَ يُعَدُّونَ مِنَ الْأُمَّةِ؟ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ الِافْتِرَاقَ إِنَّمَا هُوَ مَعَ كَوْنِهِمْ مِنَ الْأُمَّةِ، وَإِلَّا فَلَوْ خَرَجُوا مِنَ الْأُمَّةِ إِلَى الْكُفْرِ لَمْ يُعَدُّوا مِنْهَا أَلْبَتَّةَ - كَمَا تَبَيَّنَ: -

وَكَذَلِكَ الظَّاهِرُ فِي فِرَقِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، أَنَّ التَّفَرُّقَ فِيهِمْ حَاصِلٌ مَعَ كَوْنِهِمْ هُودًا وَنَصَارَى؟

فَيُقَالُ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ: إِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّا نَأْخُذُ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي كَوْنِ هَذِهِ الْفِرَقِ مِنَ الْأُمَّةِ، وَمِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، وَمَنْ قِيلَ بِكُفْرِهِ مِنْهُمْ، فَإِمَّا أَنَّ يَسْلَمَ فِيهِمْ هَذَا الْقَوْلُ فَلَا يَجْعَلُهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ أَصْلًا وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>