للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سَبَبُ الْفُرْقَةِ قَدْ يَكُونُ رَاجِعًا إِلَى مَعْصِيَةٍ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ

إِنَّ هَذِهِ الْفِرَقَ إِنْ كَانَتِ افْتَرَقَتْ بِسَبَبٍ مُوقِعٍ فِي الْعَدَوَاةِ وَالْبَغْضَاءِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إِلَى أَمْرٍ هُوَ مَعْصِيَةٌ غَيْرُ بِدْعَةٍ، وَمِثَالُهُ أَنْ يَقَعَ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ افْتِرَاقٌ بِسَبَبٍ دُنْيَوِيٍّ، كَمَا يَخْتَلِفُ مَثَلًا أَهْلُ قَرْيَةٍ مَعَ قَرْيَةٍ أُخْرَى بِسَبَبِ تَعَدٍّ فِي مَالٍ أَوْ دَمٍ، حَتَّى تَقَعَ بَيْنَهُمُ الْعَدَوَاةُ فَيَصِيرُوا حِزْبَيْنِ، أَوْ يَخْتَلِفُونَ فِي تَقْدِيمِ وَالٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَفْتَرِقُونَ، وَمِثْلُ هَذَا مُحْتَمَلٌ، وَقَدْ يُشْعَرُ بِهِ.

مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ وَفِي مِثْلِ هَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:

«إِذَا بُويِعَ الْخَلِيفَتَانِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا» وَجَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: ٩] إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ.

وَأَمَّا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَمْرٍ هُوَ بِدْعَةٌ، كَمَا افْتَرَقَ الْخَوَارِجُ مِنَ الْأُمَّةِ بِبِدَعِهِمُ الَّتِي بَنَوْا عَلَيْهَا فِي الْفِرْقَةِ، وَكَالْمَهْدِيِّ الْمَغْرِبِيِّ الْخَارِجِ عَنِ الْأُمَّةِ نَصْرًا لِلْحَقِّ فِي زَعْمِهِ، فَابْتَدَعَ أُمُورًا سِيَاسِيَّةً وَغَيْرَهَا خَرَجَ بِهَا عَنِ السُّنَّةِ - كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ قَبْلُ - وَهَذَا هُوَ الَّذِي تُشِيرُ إِلَيْهِ الْآيَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالْأَحَادِيثُ، لِمُطَابَقَتِهَا لِمَعْنَى الْحَدِيثِ. وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ الْمَعْنَيَانِ مَعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>