للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَرَّمَ الْخَلْوَةَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ حَذَرًا مِنَ الذَّرِيعَةِ إِلَى الْفَسَادِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ، فَرَأَوُا الشُّرْبَ ذَرِيعَةً إِلَى الِافْتِرَاءِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ كَثْرَةُ الْهَذَيَانِ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ سَابِقٍ إِلَى السَّكْرَانِ ـ قَالُوا ـ فَهَذَا مِنْ أَوْضَحِ الْأَدِلَّةِ عَلَى إِسْنَادِ الْأَحْكَامِ إِلَى الْمَعَانِي الَّتِي لَا أَصُولُ لَهَا (يَعْنِي: عَلَى الْخُصُوصِ بِهِ) وَهُوَ مَقْطُوعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ.

[قَضَاءُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بِتَضْمِينِ الصُّنَّاعِ]

الْمِثَالُ الثَّالِثُ: إِنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ قَضَوْا بِتَضْمِينِ الصُّنَّاعِ

إِنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ قَضَوْا بِتَضْمِينِ الصُّنَّاعِ. قَالَ عَلِيٌّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ: لَا يُصْلِحُ النَّاسَ إِلَّا ذَاكَ، وَوَجْهُ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ أَنَّ النَّاسَ لَهُمْ حَاجَةٌ إِلَى الصُّنَّاعِ، وَهُمْ يَغِيبُونَ عَنِ الْأَمْتِعَةِ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ، وَالْأَغْلَبُ عَلَيْهِمُ التَّفْرِيطُ وَتَرْكُ الْحِفْظَ، فَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ تَضْمِينُهُمْ مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَى اسْتِعْمَالِهِمْ لَأَفْضَى ذَلِكَ إِلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا تَرْكُ الِاسْتِصْنَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَذَلِكَ شَاقٌّ عَلَى الْخَلْقِ، وَإِمَّا أَنْ يَعْمَلُوا وَلَا يُضَمَّنُوا ذَلِكَ بِدَعْوَاهُمُ الْهَلَاكَ وَالضَّيَاعَ، فَتَضِيعُ الْأَمْوَالُ، وَيَقِلُّ الِاحْتِرَازُ، وَتَتَطَرَّقُ الْخِيَانَةُ، فَكَانَتِ الْمَصْلَحَةُ التَّضْمِينَ.

هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا يُصْلِحُ النَّاسَ إِلَّا ذَاكَ.

وَلَا يُقَالُ: إِنَّ هَذَا نَوْعٌ مِنَ الْفَسَادِ وَهُوَ تَضْمِينُ الْبَرِيءِ. إِذْ لَعَلَّهُ مَا أَفْسَدَ، وَلَا فَرَّطَ، فَالتَّضْمِينُ مَعَ ذَلِكَ كَانَ نَوْعًا مِنَ الْفَسَادِ. لِأَنَّا نَقُولُ: إِذَا تَقَابَلَتِ الْمَصْلَحَةُ وَالْمَضَرَّةُ فَشَأْنُ الْعُقَلَاءِ النَّظَرُ إِلَى التَّفَاوُتِ وَوَقْعُ التَّلَفِ مِنَ الصُّنَّاعِ مِنْ غَيْرِ تَسَبُّبٍ وَلَا تَفْرِيطٍ بَعِيدٌ، وَالْغَالِبُ الْفَوْتِ فَوْتُ الْأَمْوَالِ، وَأَنَّهَا لَا تَسْتَنِدُ إِلَى التَّلَفِ السَّمَاوِيِّ، بَلْ تَرْجِعُ إِلَى صُنْعِ الْعِبَادِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ أَوِ التَّفْرِيطِ.

وَفِي الْحَدِيثِ:

«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»

<<  <  ج: ص:  >  >>