فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ كَالْأَوَّلِ:
(أَحَدُهُمَا): أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ بِمَعْنَى الْحَلِفِ.
(وَالثَّانِي): أَنْ تَكُونَ آيَةُ الْعُقُودِ غَيْرَ مُتَنَاوِلَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا} [المائدة: ٨٧] لَا يَدْخُلُ فِيهِ؛ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَبْقَى فِي الْقَضِيَّةِ مَا يُنْظَرُ فِيهِ، وَلَا يَكُونُ لِلْمُحْتَجِّ بِالْآيَةِ مُتَعَلَّقٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ الْعَمَلُ بِغَيْرِ شَرِيعَةٍ أَوِ الْعَمَلُ بِشَرْعٍ مَنْسُوخٍ]
فَصْلٌ
إِذَا ثَبَتَ هَذَا؛ فَكُلُّ مَنْ عَمِلَ عَلَى هَذَا الْقَصْدِ؛ فَعَمَلُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ: إِمَّا بِغَيْرِ شَرِيعَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّبِعْ أَدِلَّتَهَا، وَإِمَّا عَامِلٌ بِشَرْعٍ مَنْسُوخٍ، وَالْعَمَلُ بِالْمَنْسُوخِ مَعَ الْعِلْمِ بِالنَّاسِخِ بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ التَّرَهُّبَ وَالِامْتِنَاعَ مِنَ اللَّذَّاتِ وَالنِّسَاءِ. . . وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ إِنْ كَانَ مَشْرُوعًا؛ فَفِيمَا قَبْلَ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنَ الشَّرَائِعِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»، وَهُوَ مَعْنَى الْبِدْعَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ نَقْلِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي الرَّهْبَانِيَّةِ أَنَّهَا السِّيَاحَةُ وَاتِّخَاذُ الصَّوَامِعِ لِلْعُزْلَةِ؛ قَالَ: " وَذَلِكَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ فِي دِينِنَا عِنْدَ فَسَادِ الزَّمَانِ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute