ثُمَّ إِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي اشْتِرَاطِ الِاجْتِهَادِ، لِأَنَّ الْمُسْتَحْسَنَ بِالْفَرْضِ لَا يَنْحَصِرُ فِي الْأَدِلَّةِ، فَأَيُّ حَاجَةٍ إِلَى اشْتِرَاطِ الِاجْتِهَادِ؟
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا يُشْتَرَطُ حَذَرًا مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَدِلَّةِ فَإِنَّ الْعَامِّيَّ لَا يَعْرِفُهَا. قِيلَ: بَلِ الْمُرَادُ اسْتِحْسَانٌ يَنْشَأُ عَنِ الْأَدِلَّةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ قَصَرُوا أَحْكَامَهُمْ عَلَى اتِّبَاعِ الْأَدِلَّةِ وَفَهْمِ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ.
فَالْحَاصِلُ أنَّ تَعَلُّقَ الْمُبْتَدِعَةِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ تَعَلُّقٌ بِمَا لَا يُغْنِيهِمْ وَلَا يَنْفَعُهُمُ الْبَتَّةَ، لَكِنْ رُبَّمَا يَتَعَلَّقُونَ فِي آحَادِ بِدْعَتِهِمْ بِآحَادٍ شُبَهٍ سَتُذْكَرُ فِي مَوَاضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَمِنْهَا مَا قَدْ مَضَى.
[فَصْلٌ رَدُّ شُبْهَةِ اسْتِفْتَاءِ الْقَلْبِ]
فَإِنْ قِيلَ: أَفَلَيِسَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى مَا يَقَعُ فِي الْقَلْبِ وَيَحِيكُ فِي النَّفْسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ دَلِيلٌ صَرِيحٌ عَلَى حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَلَا غَيْرُ صَرِيحٍ؟ فَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ، إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَالْكَذِبَ رِيبَةٌ».
وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ: الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ»، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute