تُوصَفُ فِي الْغَالِبِ بِوَصْفِ الضَّلَالَةِ; إِلَّا أَنْ تَكُونَ بِدْعَةً أَوْ شِبْهَ الْبِدْعَةِ، وَكَذَلِكَ الْخَطَأُ الْوَاقِعُ فِي الْمَشْرُوعَاتِ وَهُوَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ لَا يُسَمَّى ضَلَالًا، وَلَا يُطْلَقُ عَلَى الْمُخْطِئِ اسْمُ ضَالٍّ، كَمَا لَا يُطْلَقُ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ لِسَائِرِ الْمَعَاصِي.
وَإِنَّمَا ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِحِكْمَةِ قَصْدِ التَّنْبِيهِ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الضَّلَالَ وَالضَّلَالَةَ ضِدُّ الْهَدْيِ وَالْهُدَى، وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ الْهُدَى حَقِيقَةً فِي الظَّاهِرِ الْمَحْسُوسِ، فَتَقُولُ: هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ وَهَدَيْتُهُ إِلَى الطَّرِيقِ، وَمِنْهُ: نُقِلَ إِلَى طَرِيقِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} [الإنسان: ٣]، {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: ١٠]، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦].
وَالصِّرَاطُ وَالطَّرِيقُ وَالسَّبِيلُ; بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الطَّرِيقِ الْمَحْسُوسِ، وَمَجَازٌ فِي الطَّرِيقِ الْمَعْنَوِيِّ، وَضِدُّهُ الضَّلَالُ، وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَمِنْهُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ وَالشَّاةُ الضَّالَّةُ، وَرَجُلٌ ضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ إِذَا خَرَجَ عَنْهُ. لِأَنَّهُ الْتُبِسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ هَادٍ يَهْدِيهِ، وَهُوَ الدَّلِيلُ.
فَصَاحِبُ الْبِدْعَةِ; لَمَّا غَلَبَ الْهَوَى مَعَ الْجَهْلِ بِطَرِيقِ السُّنَّةِ; تَوَهَّمَ أَنَّ مَا ظَهَرَ لَهُ بِعَقْلِهِ هُوَ الطَّرِيقُ الْقَوِيمُ دُونَ غَيْرِهِ، فَمَضَى عَلَيْهِ، فَحَادَ بِسَبَبِهِ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ، فَهُوَ ضَالٌّ مِنْ حَيْثُ ظَنَّ أَنَّهُ رَاكِبٌ لِلْجَادَّةِ; كَالْمَارِّ بِاللَّيْلِ عَلَى الْجَادَّةِ وَلَيْسَ لَهُ دَلِيلٌ يَهْدِيهِ، يُوشِكُ أَنْ يَضِلَّ عَنْهَا، فَيَقَعُ فِي مُتَابِعِهِ، وَإِنْ كَانَ بِزَعْمِهِ يَتَحَرَّى قَصْدَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute