الصُّوفِيَّةِ وَلَمْ يَتَشَبَّهُوا بِهِمْ.
وَتَارَةً نُسِبْتُ إِلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي أُمِرَ بِاتِّبَاعِهَا وَهِيَ النَّاجِيَةُ مَا عَلَيْهِ الْعُمُومُ، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الْجَمَاعَةَ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ. وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ بِحَوْلِ اللَّهِ.
وَكَذَبُوا عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، أَوْ وَهِمُوا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
فَكُنْتُ عَلَى حَالَةٍ تُشْبِهُ حَالَةَ الْإِمَامِ الشَّهِيرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَطَّةَ الْحَافِظِ مَعَ أَهْلِ زَمَانِهِ إِذْ حَكَى عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ:
" عَجِبْتُ مِنْ حَالِي فِي سَفَرِي وَحَضَرِي مَعَ الْأَقْرَبِينَ مِنِّي وَالْأَبْعَدِينَ، وَالْعَارِفِينَ وَالْمُنْكِرِينَ، فَإِنِّي وَجَدْتُ بِمَكَّةَ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَمَاكِنِ أَكْثَرَ مَنْ لَقِيتُ بِهَا مُوَافِقًا أَوْ مُخَالِفًا، دَعَانِي إِلَى مُتَابَعَتِهِ عَلَى مَا يَقُولُهُ، وَتَصْدِيقِ قَوْلِهِ، وَالشَّهَادَةِ لَهُ، فَإِنْ كُنْتُ صَدَّقْتُ فِيمَا يَقُولُ وَأَجَزْتُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ هَذَا الزَّمَانِ; سَمَّانِي مُوَافِقًا، وَإِنْ وَقَفْتُ فِي حَرْفٍ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ فِعْلِهِ سَمَّانِي مُخَالِفًا، وَإِنْ ذَكَرْتُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا أَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَارِدٌ، سَمَّانِي خَارِجِيًّا، وَإِنْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ حَدِيثًا فِي التَّوْحِيدِ، سَمَّانِي مُشَبِّهًا، وَإِنْ كَانَ فِي الرُّؤْيَةِ; سَمَّانِي سَالِمِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِي الْإِيمَانِ سَمَّانِي مُرْجِئًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَعْمَالِ، سَمَّانِي قَدَرِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَعْرِفَةِ سَمَّانِي كَرَامِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، سَمَّانِي نَاصِبِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِي فَضَائِلِ أَهْلِ الْبَيْتِ سَمَّانِي رَافِضِيًّا، وَإِنْ سَكَتُّ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute