للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِسْمُ الرَّابِعُ: بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ: وَهِيَ مَا تَنَاوَلَتْهُ أَدِلَّةُ الْكَرَاهَةِ مِنَ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدِهَا; كَتَخْصِيصِ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ أَوْ غَيْرِهَا بِنَوْعٍ مِنَ الْعِبَادَةِ.

وَلِذَلِكَ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ [شَاهِدٌ] خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ تَخْصِيصِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ، أَوْ لَيْلَةٍ بِقِيَامٍ.»

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ الزِّيَادَةُ فِي الْمَنْدُوبَاتِ الْمَحْدُودَاتِ; كَمَا وَرَدَ فِي التَّسْبِيحِ عَقِبَ الْفَرِيضَةِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتَفْعَلُ مِائَةً، وَوَرَدَ صَاعٌ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، فَيَجْعَلُ - عَشَرَةَ أَصْوُعٍ ; بِسَبَبِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِيهَا إِظْهَارُ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الشَّارِعِ، وَقِلَّةُ أَدَبٍ مَعَهُ، بَلْ شَأْنُ الْعُظَمَاءِ إِذَا حَدَّدُوا شَيْئًا; وُقِفَ عِنْدَهُ وَعُدَّ الْخُرُوجُ عَنْهُ قِلَّةَ أَدَبٍ.

وَالزِّيَادَةُ فِي الْوَاجِبِ أَوْ عَلَيْهِ أَشَدُّ فِي الْمَنْعِ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْمَزِيدُ عَلَيْهِ.

وَلِذَلِكَ نَهَى مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ إِيصَالِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ; لِئَلَّا يُعْتَقَدَ أَنَّهَا مِنْ رَمَضَانَ.

وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ فِي " مُسْنَدِهِ ": أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى الْفَرْضَ، وَقَامَ لِيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، «فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اجْلِسْ حَتَّى تَفْصِلَ بَيْنَ فَرْضِكَ وَنَفْلِكَ، فَهَكَذَا مَنْ قَبْلَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَابَ اللَّهُ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ; يُرِيدُ عُمَرَ: إِنَّ مَنْ قَبْلَنَا وَصَلُوُا النَّوَافِلَ بِالْفَرَائِضِ، وَاعْتَقَدُوا الْجَمِيعَ وَاجِبًا، وَذَلِكَ تَغْيِيرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>