للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ الْخِنْزِيرِ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ خَفِيِّ هَذَا الْبَابِ مَذْهَبُ الْخَوَارِجِ فِي زَعْمِهِمْ أَنْ لَا تَحْكِيمَ؛ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: ٥٧]؛ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ، فَلَا يَلْحَقُهُ تَخْصِيصٌ، فَلِذَلِكَ أَعْرَضُوا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: ٣٥]، وَقَوْلِهِ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥].

وَإِلَّا؛ فَلَوْ عَلِمُوا تَحْقِيقًا قَاعِدَةَ الْعَرَبِ فِي أَنَّ الْعُمُومَ يُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ؛ لَمْ يُسْرِعُوا إِلَى الْإِنْكَارِ، وَلَقَالُوا فِي أَنْفُسِهِمْ: هَلْ هَذَا الْعَامُّ مَخْصُوصٌ؟ فَيَتَأَوَّلُونَ.

وَفِي الْوَضْعِ وَجْهٌ آخَرُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ هَذَا.

وَكَثِيرًا مَا يُوقِعُ الْجَهْلُ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِي مَجَازٍ لَا يَرْضَى بِهَا عَاقِلٌ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنَ الْجَهْلِ وَالْعَمَلِ بِهِ بِفَضْلِهِ.

فَمِثْلُ هَذِهِ الِاسْتِدْلَالَاتِ لَا يُعْبَأُ بِهَا، وَتَسْقُطُ مُكَالَمَةُ أَهْلِهَا، وَلَا يُعَدُّ خِلَافُ أَمْثَالِهِمْ، وَمَا اسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ الْفُرُوعِيَّةِ أَوِ الْأُصُولِيَّةِ؛ فَهُوَ عَيْنُ الْبِدْعَةِ، إِذْ هُوَ خُرُوجٌ عَنْ طَرِيقَةِ كَلَامِ الْعَرَبِ إِلَى اتِّبَاعِ الْهَوَى.

فَحَقٌّ مَا حُكِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَيْثُ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>