للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَكَى ابْنُ وَضَّاحٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: أَنَّ أَسَدَ بْنَ مُوسَى كَتَبَ إِلَى أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ:

" اعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ مَا حَمَلَنِي عَلَى الْكَتْبِ إِلَيْكَ مَا أَنْكَرَ أَهْلُ بِلَادِكَ مِنْ صَالِحِ مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ، مِنْ إِنْصَافِكَ النَّاسَ، وَحُسْنِ حَالِكَ مِمَّا أَظْهَرْتَ مِنَ السُّنَّةِ، وَعَيْبِكَ لِأَهْلِ الْبِدَعِ، وَكَثْرَةِ ذِكْرِكَ لَهُمْ وَطَعْنِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَمَعَهُمُ اللَّهُ بِكَ، وَشَدَّ بِكَ ظَهَرَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَوَّاكَ عَلَيْهِمْ بِإِظْهَارِ عَيْبِهِمْ، وَالطَّعْنِ عَلَيْهِمْ، وَأَذَلَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ، وَصَارُوا بِبِدْعَتِهِمْ مُسْتَتِرِينَ.

فَأَبْشِرْ يَا أَخِي بِثَوَابِ اللَّهِ، وَاعْتَدَّ بِهِ مِنْ أَفْضَلِ حَسَنَاتِكَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ. وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ الْأَعْمَالُ مِنْ إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَإِحْيَاءِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ أَحْيَا شَيْئًا مِنْ سُنَّتِي كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَضَمَّ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ»، وَقَالَ: «أَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى هُدًى فَاتُّبِعَ عَلَيْهِ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ تَبِعَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»؟! فَمَنْ يُدْرِكُ يَا أَخِي هَذَا بِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ؟! وَذَكَرَ أَيْضًا: «إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ كِيدَ بِهَا الْإِسْلَامُ وَلِيًّا لِلَّهِ يَذُبُّ عَنْهَا، وَيَنْطِقُ بِعَلَامَتِهَا».

فَاغْتَنِمْ يَا أَخِي هَذَا الْفَضْلَ، وَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>