للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: ٦٧]، فَمَقَالَتُكَ هَذِهِ الَّتِي دَعَوْتَ النَّاسَ إِلَيْهَا فِيمَا بَلَّغَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْأُمَّةِ أَمْ لَا؟ فَأَمْسَكَ، فَقَالَ (الشَّيْخُ): يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ!، وَهَذِهِ ثَالِثَةٌ!.

ثُمَّ قَالَ بَعْدَ سَاعَةٍ: أَخْبِرْنِي يَا أَحْمَدُ!. لَمَّا عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَكَ هَذِهِ الَّتِي دَعَوْتَ النَّاسَ إِلَيْهَا؛ اتَّسَعَ لَهُ عَنْ أَنْ أَمْسَكَ عَنْهُمْ أَمْ لَا؟ قَالَ أَحْمَدُ: بَلِ اتَّسَعَ لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ الشَّيْخُ: وَكَذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَكَذَلِكَ لِعُمَرَ، وَكَذَلِكَ لِعُثْمَانَ، وَكَذَلِكَ لَعَلِّيٍّ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ.

فَصَرَفَ وَجْهَهُ إِلَى الْوَاثِقِ، وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! إِذَا لَمْ يَتَّسِعْ لَنَا مَا اتَّسَعَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَلِأَصْحَابِهِ؛ فَلَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْنَا، قَالَ الْوَاثِقُ: نَعَمْ؛ لَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْنَا إِذَا لَمْ يَتَّسِعْ لَنَا مَا اتَّسَعَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَصْحَابِهِ.

ثُمَّ قَالَ الْوَاثِقُ: اقْطَعُوا قُيُودَهُ. فَلَمَّا فُكَّتْ؛ جَاذَبَ عَلَيْهَا. فَقَالَ الْوَاثِقُ: دَعُوهُ. ثُمَّ قَالَ: يَا شَيْخُ! لِمَ جَاذَبْتَ عَلَيْهَا؟ قَالَ: لِأَنِّي عَقَدْتُ فِي نِيَّتِي أَنْ أُجَاذِبَ عَلَيْهَا، فَإِذَا أَخَذْتُهَا؛ أَوْصَيْتُ أَنْ تُجْعَلَ بَيْنَ يَدِي وَكَفَنِي حَتَّى أَقُولَ: يَا رَبِّي! سَلْ عَبْدَكَ: لِمَ قَيَّدَنِي ظُلْمًا وَارْتَاعَ فِيَّ أَهْلِي؟ فَبَكَى الْوَاثِقُ وَبَكَى الشَّيْخُ وَكُلُّ مَنْ حَضَرَ.

ثُمَّ قَالَ لَهُ الْوَاثِقُ: يَا شَيْخُ! اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَا خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي حَتَّى جَعَلْتُكَ فِي حِلٍّ إِعْظَامًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِقَرَابَتِكَ مِنْهُ.

فَتَهَلَّلَ وَجْهُ الْوَاثِقِ، وَسُرَّ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَقِمْ عِنْدِي آنَسُ بِكَ، فَقَالَ لَهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>