التَّوَاجُدُ عَنْ وَجْدٍ، وَلَا يُسْمَعُ فِيهِ نَكِيرٌ مِنَ الشَّرْعِ، وَذَكَرَ السُّلَمِيُّ أَنَّهُ كَانَ يُسْتَدَلُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى حَرَكَةِ الْوَجْدِ فِي وَقْتِ السَّمَاعِ، (وَهِيَ): {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا} [الكهف: ١٤] الْآيَةَ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْقُلُوبَ مَرْبُوطَةٌ بِالْمَلَكُوتِ، حَرَّكَتْهَا أَنْوَارُ الْأَذْكَارِ، وَمَا يَرِدُ عَلَيْهَا مِنْ فُنُونِ السَّمَاعِ.
وَوَرَاءَ هَذَا تَوَاجُدٌ لَا عَنْ وَجْدٍ، فَهُوَ مَنَاطُ الذَّمِّ؛ لِمُخَالَفَةِ مَا ظَهَرَ لِمَا بَطَنَ، وَقَدْ يَعْزُبُ فِيهِ الْأَمْرُ عِنْدَ الْقَصْدِ إِلَى اسْتِنْهَاضِ الْعَزَائِمِ وَإِعْمَالِ الْحَرَكَةِ فِي يَقَظَةِ الْقَلْبِ النَّائِمِ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! ابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا؛ فَتَبَاكُوا».
وَلَكِنْ شَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا مَنْ دَعَا طَائِفَةً إِلَى مَنْزِلِهِ؛ فَتُجَابُ دَعْوَتُهُ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ قَصْدُهُ وَنِيَّتُهُ.
فَهَذَا مَا ظَهَرَ تَقْيِيدُهُ عَلَى مُقْتَضَى الظَّاهِرِ، وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ، وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، انْتَهَى مَا قَيَّدَهُ.
فَكَانَ مِمَّا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْجَوَابِ:
أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي مَجَالِسِ الذِّكْرِ الصَّحِيحِ إِذَا كَانَ عَلَى حَسَبِ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ لِتُدَارِسِ الْقُرْآنِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، حَتَّى يَتَعَلَّمَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَيَأْخُذَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَهُوَ مَجْلِسٌ مِنْ مَجَالِسِ الذِّكْرِ الَّتِي جَاءَ فِي مِثْلِهَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute