للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَّبَعَةٌ، كَمَا دَلَّ قَوْلُهُ: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ} [ص: ٣١] عَلَى الشَّمْسِ حَتَّى عَادَ عَلَيْهَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: {تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: ٣٢]، وَكَانَ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلُوهُ، وَإِنَّمَا أَمَرْنَاهُمْ بِالْحَقِّ، فَالْبِدْعَةُ فِيهِ إِذًا حَقِيقِيَّةٌ لَا إِضَافِيَّةٌ.

وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ؛ فَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الَّذِي قَالَ بِهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، فَلَا نَظَرَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ.

وَخَرَّجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَإِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " أَحْدَثْتُمْ قِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ، إِنَّمَا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ، فَدُومُوا عَلَى الْقِيَامِ إِذْ فَعَلْتُمُوهُ وَلَا تَتْرُكُوهُ؛ فَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ابْتَدَعُوا بِدَعًا لَمْ يَكْتُبْهَا اللَّهُ عَلَيْهِمُ ابْتَغَوْا بِهَا رِضْوَانَ اللَّهِ، فَلَمْ يَرْعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا، فَعَاتَبَهُمُ اللَّهُ بِتَرْكِهَا، فَقَالَ: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} [الحديد: ٢٧]، الْآيَةَ.

وَفِي رِوَايَةٍ: " فَإِنَّ نَاسًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ابْتَدَعُوا بِدْعَةً ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ، فَلَمْ يَرْعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا، فَعَاتَبَهُمُ اللَّهُ بِتَرْكِهَا، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} [الحديد: ٢٧]، إِلَى آخَرِ الْآيَةِ.

وَهَذَا الْقَوْلُ يَقْرُبُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: ٢٧]؛ يُرِيدُ أَنَّهُمْ قَصَّرُوا فِيهَا وَلَمْ يَدُومُوا عَلَيْهَا.

قَالَ بَعْضُ نَقْلَةِ التَّفْسِيرِ: " وَفِي هَذَا التَّأْوِيلِ لُزُومُ الْإِتْمَامِ لِكُلِّ مَنْ بَدَأَ بِتَطَوُّعٍ وَنَفْلٍ، وَأَنْ يَرْعَوْهُ حَقَّ رَعْيِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>