(الرَّابِعَةُ): أَنْ نَقُولَ: مِمَّا يُسْأَلُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١]، الْآيَةَ؛ فَإِنَّ فِيهَا إِخْبَارًا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ، وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} [المائدة: ٨٧]، وَمِثْلُ هَذَا يُجَلُّ (مَقَامُ) النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ فِيهِ، وَأَنْ يَكُونَ مَنْهِيًّا عَنْهُ ابْتِدَاءً ثُمَّ يَأْتِيهِ، حَتَّى يُقَالَ لَهُ فِيهِ: لِمَ تَفْعَلْ؟ فَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الْمَصَارِفِ.
وَالْجَوَابُ:
أَنَّ آيَةَ التَّحْرِيمِ إِنْ كَانَتْ هِيَ السَّابِقَةَ عَلَى آيَةِ الْعُقُودِ؛ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِذْ لَوْ أُرِيدَ الْأُمَّةُ ـ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ ـ؛ لَقَالَ: لِمَ تُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ؟ كَمَا قَالَ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: ١]. . .، الْآيَةَ، وَهُوَ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ سُورَةَ التَّحْرِيمِ قَبْلَ آيَةِ الْأَحْزَابِ، لِذَلِكَ لَمَّا آلَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا بِسَبَبِ هَذِهِ الْقِصَّةِ؛ نَزَلَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ} [الأحزاب: ٢٨]. . . .، إِلَخْ.
وَأَيْضًا فَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ بِمَعْنَى الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ، وَالْحَلِفُ إِذَا وَقَعَ؛ فَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْعَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute