للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَيْفِيَّةِ إِلَّا التَّرْكُ.

(وَالثَّانِي): أَنَّ الْإِمَامَ يَجْمَعُهُمْ عَلَى الدُّعَاءِ لِيَكُونَ بِاجْتِمَاعِهِمْ أَقْرَبَ إِلَى الْإِجَابَةِ.

وَهَذِهِ الْعِلَّةُ كَانَتْ فِي زَمَانِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَحَدٌ أَسْرَعَ إِجَابَةً لِدُعَائِهِ مِنْهُ، إِذْ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ بِلَا إِشْكَالٍ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَإِنْ عَظُمَ قَدْرُهُ فِي الدِّينِ؛ فَلَا يَبْلُغُ رُتْبَتَهُ، فَهُوَ كَانَ أَحَقَّ بِأَنْ يَزِيدَهُمُ الدُّعَاءَ لَهُمْ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةَ زِيَادَةً إِلَى دُعَائِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ.

وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ قَصْدَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الدُّعَاءِ لَا يَكُونُ بَعْدَ زَمَانِهِ أَبْلَغَ فِي الْبَرَكَةِ مِنَ اجْتِمَاعٍ يَكُونُ فِيهِ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، فَكَانُوا بِالتَّنْبِيهِ لِهَذِهِ الْمَنَقَبَةِ أَوْلَى.

(وَالثَّالِثُ): قَصْدُ التَّعْلِيمِ لِلدُّعَاءِ لِيَأْخُذُوا مِنْ دُعَائِهِ مَا يَدْعُونَ بِهِ لِأَنْفُسِهِمْ لِئَلَّا يَدْعُوَا بِمَا لَا يَجُوزُ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا:

وَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَنْهَضُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْمُعَلِّمَ الْأَوَّلَ، وَمِنْهُ تَلَقِّينَا أَلْفَاظَ الْأَدْعِيَةِ وَمَعَانِيهَا، وَقَدْ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْهَلُ قَدْرَ الرُّبُوبِيَّةِ فَيَقُولُ:

رَبَّ الْعِبَادِ مَا لَنَا وَمَا لَكَ ... أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ لَا أَبَا لَكَ

وَقَالَ الْآخَرُ:

لَاهُمَّ إِنْ كُنْتَ الَّذِي بِعَهْدِي ... وَلَمْ تُغَيِّرْكَ الْأُمُورُ بَعْدِي

وَقَالَ الْآخَرُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>