يَعْمَلُوا بِهِ؛ فَقَدَ عَمِلَ السَّلَفُ بِمَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ مَنْ قَبْلَهُمْ مِمَّا هُوَ خَيْرٌ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: قَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنَ الْفُجُورِ، فَكَذَلِكَ تَحْدُثُ لَهُمْ مُرَغِّبَاتٌ فِي الْخَيْرِ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنَ الْفُتُورِ.
وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ غَيْرُ جَارٍ عَلَى الْأُصُولِ:
أَمَّا أَوَّلًا: فَإِنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي مَسْأَلَةِ الْعُتْبِيَّةِ، فَذَلِكَ مِنْ بَابِ فَسَادِ الِاعْتِبَارِ.
وَأَمَا ثَانِيًا: فَإِنَّهُ قِيَاسٌ عَلَى نَصٍّ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدُ مِنْ طَرِيقٍ مَرْضِيٍّ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ.
وَأَمَا ثَالِثًا: فَإِنَّ كَلَامَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَرْعٌ اجْتِهَادِيٌّ جَاءَ عَنْ رَجُلٍ مُجْتَهِدٍ يُمْكِنُ أَنْ يُخْطِئَ فِيهِ كَمَا يُمْكِنُ أَنْ يُصِيبَ، وَإِنَّمَا حَقِيقَةُ الْأَصْلِ أَنْ يَأْتِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ، وَهَذَا لَيْسَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَأَمَا رَابِعًا: فَإِنَّهُ قِيَاسُ بِغَيْرِ مَعْنًى جَامِعٍ، أَوْ بِمَعْنَى جَامِعٍ غَيْرِ طَرْدِيٍّ، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ فِيهِ سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ وَالْبِدَعِ.
وَقَوْلُهُ: " إِنَّ السَّلَفَ عَمِلُوا بِمَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ مَنْ قَبْلَهُمْ "؛ حَاشَ لِلَّهِ أَنَّ يَكُونُوا مِمَّنْ يَدْخُلُ تَحْتَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ.
وَقَوْلُهُ: " مِمَّا هُوَ خَيْرٌ "؛ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّلَفِ فَمَا عَمِلُوا خَيْرٌ، وَأَمَّا فَرْعُهُ الْمَقِيسُ [عَلَيْهِ]؛ فَكَوْنُهُ خَيْرًا دَعْوَى؛ لِأَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ خَيْرًا أَوْ شَرًّا لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute