للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَخَرَجَ؛ رَقَى الْمِنْبَرَ، فَإِذَا رَآهُ الْمُؤَذِّنُونُ ـ وَكَانُوا ثَلَاثَةً ـ؛ قَامُوا، وَأَذَّنُوا فِي الْمَشْرَفَةِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ كَمَا يُؤَذَّنُ فِي غَيْرِ الْجُمْعَةِ، فَإِذَا فَرَغُوا؛ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ»، ثُمَّ تَلَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، فَزَادَهُ عُثْمَانُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) ـ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ ـ أَذَانًا بِالزَّوْرَاءِ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، يُؤْذَنُ النَّاسُ فِيهِ بِذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ حَضَرَتْ، وَتَرَكَ الْأَذَانَ فِي الْمَشْرَفَةِ بَعْدَ جُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَاسْتَمَرَّ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى زَمَانِ هِشَامٍ، فَنَقَلَ الْأَذَانَ الَّذِي كَانَ بِالزَّوْرَاءِ إِلَى الْمَشْرَفَةِ، وَنَقَلَ الْأَذَانَ الَّذِي كَانَ بِالْمَشْرَفَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنَّ يُؤَذِّنُوا صَفًّا، وَتَلَاهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ بِدْعَةٌ.

قَالَ: وَالَّذِي فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَهُ هُوَ السُّنَّةُ.

وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا كَانَ فِعْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِعْلَ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ، وَكَأَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ كِتَابِهِ، وَذَكَرَ قِصَّةَ هِشَامٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي كَانَ يَفْعَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ السَّنَّةُ، وَقَدْ حَدَّثَنِي أَسَدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: " «أَفْضَلُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» ". .

وَمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّ الْأَذَانَ عِنْدَ صُعُودِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ كَانَ بَاقِيًا فِي زَمَنِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ أَرْبَابُ النَّقْلِ الصَّحِيحِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>