للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى أَنْ تَصِيرَ وَصْفًا أَوْ لَا.

فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهَا فِي تَحْصِيلِ هَذَا الْمَطْلُوبِ بِحَوْلِ اللَّهِ:

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ تَنْفَرِدَ الْبِدْعَةُ عَنِ الْعَمَلِ الْمَشْرُوعِ ـ؛ فَالْكَلَامُ فِيهِ ظَاهِرُ مِمَّا تَقَدَّمَ؛ إِلَّا أَنَّهُ [إِنْ] كَانَ وَضْعُهُ عَلَى جِهَةِ التَّعَبُّدِ؛ فَبِدْعَةٌ حَقِيقِيَّةٌ، وَإِلَّا فَهُوَ فِعْلٌ مِنْ جُمْلَةِ الْأَفْعَالِ الْعَادِيَّةِ، لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، فَالْعِبَادَةُ سَالِمَةٌ، وَالْعَمَلُ الْعَادِيُّ خَارِجٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

مِثَالُهُ: الرَّجُلُ يُرِيدُ الْقِيَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَيَتَنَحْنَحُ مَثَلًا، أَوْ يَتَمَخَّطُ، أَوْ يَمْشِي خُطُوَاتٍ، أَوْ يَفْعَلُ شَيْئًا، وَلَا يَقْصِدُ بِذَا وَجْهًا رَاجِعًا إِلَى الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ عَادَةً أَوْ تَقَزُّزًا؛ فَمِثْلُ هَذَا لَا حَرَجَ فِيهِ فِي نَفْسِهِ وَلَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَادَاتِ الْجَائِزَةِ؛ إِلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ بِحَيْثُ يُفْهَمُ مِنْهُ الِانْضِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ عَمَلًا أَوْ قَصْدًا؛ فَإِنَّهُ إِذْ ذَاكَ يَصِيرُ بِدْعَةً، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَكَذَلِكَ أَيْضًا؛ إِذَا فَرَضْنَا أَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا قَصْدَ التَّقَرُّبِ مِمَّا لَمْ يُشْرَعْ أَصْلًا، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَشْرُوعَةِ، وَلَمْ يَقْصِدْ فِعْلَهُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ، وَلَا كَانَ مَظَنَّةً لِأَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ انْضِمَامُهُ إِلَيْهَا، فَلَا يَقْدَحُ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ الذَّمُّ فِيهِ إِلَى الْعَمَلِ بِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ.

وَمِثْلُهُ لَوْ أَرَادَ الْقِيَامَ إِلَى الْعِبَادَةِ، فَفَعَلَ عِبَادَةً مَشْرُوعَةً مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الِانْضِمَامِ، وَلَا جَعَلَهُ عُرْضَةً لِقَصْدِ انْضِمَامِهِ، فَتِلْكَ الْعِبَادَتَانِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>