للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ اخْتِرَاعَاتٌ وَابْتِدَاعَاتٌ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا، وَجَمِيعُ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ قَائِلٌ بِرَأْيِهِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ، مَعَ زَعْمِهِ أَنَّهُ قَائِلٌ بِالرَّأْيِ. وَهُوَ التَّنَاقُضُ بِعَيْنِهِ. فَقَدْ ظَهَرَ إِذَنْ جَرَيَانُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ عَلَى الِابْتِدَاعِ.

وَأَمَّا كَوْنُ الزَّكَاةِ مَغْرَمًا، فَالْمَغْرَمُ مَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهُ مِنَ الدُّيُونِ وَالْغَرَامَاتِ، كَانَ الْوُلَاةُ يُلْزِمُونَهَا النَّاسَ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى قِلَّةِ مَالِ الزَّكَاةِ أَوْ كَثْرَتِهِ أَوْ قُصُورِهِ عَنِ النِّصَابِ أَوْ عَدَمِ قُصُورِهِ، بَلْ يَأْخُذُونَهُمْ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ إِلَى الْمَوْتِ، وَكَوْنُ هَذَا بِدَعَةً، ظَاهِرٌ.

وَأَمَّا ارْتِفَاعُ الْأَصْوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ فَنَاشِئٌ عَنْ بِدْعَةِ الْجِدَالِ فِي الدِّينِ، فَإِنَّ مِنْ عَادَةِ قِرَاءَةِ الْعِلْمِ وَإِقْرَائِهِ وَسَمَاعِهِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسَاجِدِ، وَمِنْ آدَابِهِ أَنْ لَا تُرْفَعَ فِيهِ الْأَصْوَاتُ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ، فَمَا ظَنُّكَ بِهِ فِي الْمَسَاجِدِ؟ فَالْجِدَالُ فِيهِ زِيَادَةُ الْهَوَى، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي الْأَصْلِ. فَقَدْ جَعَلَ الْعُلَمَاءُ مِنْ عَقَائِدِ الْإِسْلَامِ تَرْكَ الْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ فِي الدِّينِ. وَهُوَ الْكَلَامُ فِيمَا لَمْ يُؤْذَنْ فِي الْكَلَامِ فِيهِ. كَالْكَلَامِ فِي الْمُتَشَابِهَاتِ مِنَ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَغَيْرِهِمَا. وَكَمُتَشَابِهَاتِ الْقُرْآنِ. وَلِأَجْلِ ذَلِكَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ أَنَّهَا قَالَتْ: «تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: ٧] قَالَ: فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَهُمُ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ»

<<  <  ج: ص:  >  >>