للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: لَا فَائِدَةَ فِي الضَّرْبِ، وَهُوَ لَوْ أَقَرَّ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ.

فَالْجَوَابُ إِنَّ لَهُ فَائِدَتَيْنِ:

(إِحْدَاهُمَا): أَنْ يُعَيِّنَ الْمَتَاعَ فَتَشْهَدُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِرَبِّهِ، وَهِيَ فَائِدَةٌ ظَاهِرَةٌ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ غَيْرَهُ قَدْ يَزْدَجِرُ حَتَّى لَا يَكْثُرَ الْإِقْدَامُ. فَتَقِلَّ أَنْوَاعُ هَذَا الْفَسَادِ.

وَقَدْ عَدَّ لَهُ سَحْنُونُ فَائِدَةً ثَالِثَةً وَهُوَ الْإِقْرَارُ حَالَةَ التَّعْذِيبِ بِأَنَّهُ يُؤْخَذُ عِنْدَهُ بِمَا أَقَرَّ فِي تِلْكَ الْحَالِ.

قَالُوا: وَهُوَ ضَعِيفٌ. فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] وَلَكِنْ نَزَّلَهُ سَحْنُونُ عَلَى مَنْ أُكْرِهَ بِطَرِيقٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ كَمَا إِذَا أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ، أَمَّا إِذَا أُكْرِهَ بِطْرِيقٍ صَحِيحٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ. فَالْكَافِرُ يُسْلِمُ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ بِهِ، وَقَدْ تَتَّفِقُ لَهُ بِهَذِهِ الْفَائِدَةِ عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِ سَحْنُونَ إِذَا أَقَرَّ حَالَةَ التَّعْذِيبِ ثُمَّ تَمَادَى عَلَى الْإِقْرَارِ بَعْدَ أَمْنِهِ فَيُؤْخَذُ بِهِ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ بَعْدَمَا حَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ، وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَالْمَسْأَلَةُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ.

قَالَ: وَلَسْنَا نَحْكُمُ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ عَلَى الْقَطْعِ، فَإِذَا وَقَعَ النَّظَرُ فِي تَعَارُضِ الْمَصَالِحِ، كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا مِنَ النَّظَرِ فِي تَعَارُضِ الْأَقْيِسَةِ الْمُؤَثِّرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>