تَتَقَاصَرُ عَنْ مَصْلَحَةِ طِفْلٍ، وَلَا نَظَرُ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ يَتَقَاعَدُ عَنْ نَظَرِ وَاحِدٍ مِنَ الْآحَادِ فِي حَقِّ مَحْجُورِهِ.
وَلَوْ وَطِئَ الْكُفَّارُ أَرْضَ الْإِسْلَامِ لَوَجَبَ الْقِيَامُ بِالنُّصْرَةِ، وَإِذَا دَعَاهُمُ الْإِمَامُ وَجَبَتِ الْإِجَابَةُ، وَفِيهِ إِتْعَابُ النُّفُوسِ وَتَعْرِيضُهَا إِلَى الْهَلَكَةِ، زِيَادَةً إِلَى إِنْفَاقِ الْمَالِ. وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا لِحِمَايَةِ الدِّينِ، وَمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ.
فَإِذَا قَدَّرْنَا هُجُومَهُمْ وَاسْتَشْعَرَ الْإِمَامُ فِي الشَّوْكَةِ ضَعْفًا وَجَبَ عَلَى الْكَافَّةِ إِمْدَادُهُمْ، كَيْفَ وَالْجِهَادُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَاجِبٌ عَلَى الْخَلْقِ؟! وَإِنَّمَا يَسْقُطُ بِاشْتِغَالِ الْمُرْتَزَقَةِ بِهِ، فَلَا يُتَمَارَى فِي بَذْلِ الْمَالِ لِمِثْلِ ذَلِكَ.
وَإِذَا قَدَّرْنَا انْعِدَامَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يُخَافُ مِنْ جِهَتِهِمْ، فَلَا يُؤْمَنُ (مِنَ) انْفِتَاحِ بَابِ الْفِتَنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا كَمَا كَانَتْ، وَتَوَقُّعُ الْفَسَادِ عَتِيدٌ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْحُرَّاسِ.
فَهَذِهِ مُلَاءَمَةٌ صَحِيحَةٌ، إِلَّا أَنَّهَا فِي مَحَلِّ ضَرُورَةٍ، فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْحُكْمُ إِلَّا مَعَ وُجُودِهَا. وَالِاسْتِقْرَاضُ فِي الْأَزَمَاتِ إِنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ يُرْجَى لِبَيْتِ الْمَالِ دَخْلٌ يُنْتَظَرُ أَوْ يُرْتَجَى، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يُنْتَظَرْ شَيْءٌ وَضَعُفَتْ وُجُوهُ الدَّخْلِ بِحَيْثُ لَا يُغْنِي كَبِيرُ شَيْءٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ جَرَيَانِ حُكْمِ التَّوْظِيفِ.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَصَّ عَلَيْهَا الْغَزَالِيُّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ، وَتَلَاهُ فِي تَصْحِيحِهَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي " أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لَهُ "، وَشَرْطُ جَوَازِ ذَلِكَ كُلِّهِ عِنْدَهُمْ عَدَالَةُ الْإِمَامِ، وَإِيقَاعُ التَّصَرُّفِ فِي أَخْذِ الْمَالِ وَإِعْطَائِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute