للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَلَّ الْغَرَرُ وَسَهُلَ الْأَمْرُ وَقَلَّ النِّزَاعُ وَمَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى الْمُسَامَحَةِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَوْلِ بِهَا، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَسْأَلَةُ التَّقْدِيرِ فِي مَاءِ الْحَمَّامِ وَمُدَّةِ اللَّبْثِ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَلَقَدْ بَالَغَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمْعَنَ فِيهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَجِيرَ بِطَعَامِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْضَبِطُ مِقْدَارُ أَكْلِهِ لِيَسَارِ أَمْرِهِ وَخِفَّةِ خَطْبِهِ وَعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ، وَفَرْقٌ بَيْنَ تَطَرُّقٍ يَسِيرِ الْغَرَرِ إِلَى الْأَجَلِ فَأَجَازَهُ، وَبَيْنَ تَطَرُّقِهِ لِلثَّمَنِ فَمَنَعَهُ، فَقَالَ: يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً إِلَى الْحَصَادِ أَوْ إِلَى الْجَذَاذِ، وَإِنْ كَانَ الْيَوْمَ بِعَيْنِهِ لَا يَنْضَبِطُ، وَلَوْ بَاعَ سِلْعَةً بِدِرْهَمٍ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ لَمْ يَجُزْ، وَالسَّبَبُ فِي التَّفْرِقَةِ، الْمُضَايَقَةُ فِي تَعْيِينِ الْأَثْمَانِ وَتَقْدِيرِهَا لَيْسَتْ فِي الْعُرْفِ، وَلَا مُضَايَقَةً فِي الْأَجَلِ. إِذْ قَدْ يُسَامِحُ الْبَائِعُ فِي التَّقَاضِي الْأَيَّامَ. وَلَا يُسَامِحُ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ عَلَى حَالٍ.

وَيُعَضِّدُهُ مَا رَوَى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمَرَ بِشِرَاءِ الْإِبِلِ إِلَى خُرُوجِ الْمُصَدِّقِ». وَذَلِكَ لَا يَضْبُطُ يَوْمَهُ وَلَا يُعَيِّنُ سَاعَتَهُ. وَلَكِنَّهُ عَلَى التَّقْرِيبِ وَالتَّسْهِيلِ.

فَتَأَمَّلُوا كَيْفَ وَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنَ الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ بِالْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ.

وَأَيْنَ هَذَا مِنْ زَعْمِ الزَّاعِمِ أَنَّهُ اسْتِحْسَانُ الْعَقْلِ بِحَسَبِ الْعَوَائِدِ فَقَطْ؟ فَتَبَيَّنَ لَكَ بَوْنُ مَا بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ.

الْعَاشِرُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَنْوَاعِ الِاسْتِحْسَانِ مُرَاعَاةَ خِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>