عَامِّيًّا أَلْقَوْا عَلَيْهِ فِي الشَّرِيعَةِ الطَّاهِرَةِ إِشْكَالَاتٍ، حَتَّى يُزَلْزِلُوهُمْ وَيُخَلِّطُوا عَلَيْهِمْ، وَيَلْبِسُوا دِينَهُمْ، فَإِذَا عَرَفُوا مِنْهُمُ الْحَيْرَةَ وَالِالْتِبَاسَ. أَلْقَوْا إِلَيْهِمْ مِنْ بِدَعِهِمْ عَلَى التَّدْرِيجِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَذَمُّوا أَهْلَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا الْمُكِبُّونُ عَلَيْهَا، وَأَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ. وَرُبَّمَا أَوْرَدُوا عَلَيْهِمْ مِنْ كَلَامِ غُلَاةِ الصُّوفِيَّةِ شَوَاهِدَ عَلَى مَا يُلْقُونَ إِلَيْهِمْ، حَتَّى يَهْوُوا بِهِمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَأَمَّا أَنْ يَأْتُوا الْأَمْرَ مِنْ بَابِهِ وَيُنَاظِرُوا عَلَيْهِ الْعُلَمَاءَ الرَّاسِخِينَ فَلَا.
وَتَأَمَّلْ مَا نَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ فِي اسْتِدْرَاجِ الْبَاطِنِيَّةِ غَيْرَهُمْ إِلَى مَذْهَبِهِمْ، تَجِدُهُمْ لَا يَعْتَمِدُونَ إِلَّا عَلَى خَدِيعَةِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ تَقْرِيرِ عِلْمٍ، وَالتَّحَيُّلِ عَلَيْهِمْ بِأَنْوَاعِ الْحِيَلِ، حَتَّى يُخْرِجُوهُمْ مِنَ السُّنَّةِ، أَوْ عَنِ الدِّينِ جُمْلَةً. وَلَوْلَا الْإِطَالَةُ لَأَتَيْتُ بِكَلَامِهِ، فَطَالِعْهُ فِي كِتَابِ " فَضَائِحُ الْبَاطِنِيَّةِ ".
وَأَمَّا الْحَدُّ الثَّانِي، فَقَدْ رَدَّ بِأَنَّهُ لَوْ فَتَحَ هَذَا الْبَابَ لَبَطَلَتِ الْحُجَجُ وَادَّعَى كُلُّ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ، وَاكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ، فَأَلْجَأَ الْخَصْمَ إِلَى الْإِبْطَالِ. وَهَذَا يَجُرُّ فَسَادًا لَا خَفَاءَ لَهُ. وَإِنْ سَلَّمَ فَذَلِكَ الدَّلِيلُ إِنْ كَانَ فَاسِدًا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ.
- وَأَمَّا الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ، فَلَا مُتَعَلِّقَ بِهِ، فَإِنَّ أَحْسَنَ الِاتِّبَاعِ إِلَيْنَا اتِّبَاعُ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَخُصُوصًا الْقُرْآنَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} [الزمر: ٢٣] الْآيَةَ، وَجَاءَ فِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ ـ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ ـ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَأَحْسَنُ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute