للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَيْلِ النُّفُوسِ أَثَرًا فِي شَرْعِيَّةِ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا قَدْ زَعَمَ الطَّبَرِيُّ فِي " تَهْذِيبِ الْآثَارِ " أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ السَّلَفِ قَالُوا بِتَصْحِيحِهَا، وَالْعَمَلِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُهَا. وَأَتَى بِالْآثَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ آخَرِينَ الْقَوْلَ بِتَوْهِينِهَا وَتَضْعِيفِهَا وَإِحَالَةِ مَعَانِيهَا.

وَكَلَامُهُ وَتَرْتِيبُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ لَائِقٌ أَنْ يُؤْتَى بِهِ عَلَى وَجْهِهِ، فَأَتَيْتُ بِهِ عَلَى تَحَرِّي مَعْنَاهُ دُونَ لَفْظِهِ لِطُولِهِ، فَحَكَى عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا شَيْءَ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ إِلَّا وَقَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَصٍّ عَلَيْهِ أَوْ بِمَعْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ حَلَالًا فَعَلَى الْعَامِلِ بِهِ إِذَا كَانَ عَالِمًا تَحْلِيلُهُ، أَوْ حَرَامًا فَعَلَيْهِ تَحْرِيمُهُ، أَوْ مَكْرُوهًا غَيْرَ حَرَامٍ فَعَلَيْهِ اعْتِقَادُ التَّحْلِيلِ أَوِ التَّرْكِ تَنْزِيهًا.

فَأَمَّا الْعَامِلُ بِحَدِيثِ النَّفْسِ وَالْعَارِضِ فِي الْقَلْبِ فَلَا، فَإِنَّ اللَّهَ حَظَرَ ذَلِكَ عَلَى نَبِيِّهِ فَقَالَ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: ١٠٥] فَأَمَرَهُ بِالْحُكْمِ بِمَا أَرَاهُ اللَّهُ لَا بِمَا رَآهُ وَحَدَّثَتْهُ بِهِ نَفْسُهُ، فَغَيْرُهُ مِنَ الشِّرْكِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ. وَأَمَّا إِنْ كَانَ جَاهِلًا فَعَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْعُلَمَاءِ دُونَ مَا حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ.

وَنُقِلَ عَنْ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ سُنَّتْ لَكُمُ السُّنَنُ، وَفُرِضَتْ لَكُمُ الْفَرَائِضُ، وَتُرِكْتُمْ عَلَى الْوَاضِحَةِ، أَنْ تَضِلُّوا بِالنَّاسِ يَمِينًا وَشِمَالًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>