للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ شُعْبَةُ يُسَمِّيهِمُ الْفَاسِقِينَ.

وَفِي تَفْسِيرِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: ١٠٤] ; أَهُمُ الْحَرُورِيَّةُ؟ قَالَ: لَا! أُولَئِكَ أَصْحَابُ الصَّوَامِعِ، وَلَكِنَّ الْحَرُورِيَّةُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥].

وَخَرَّجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي (تَفْسِيرِهِ) هَذَا الْمَعْنَى بِلَفْظٍ آخَرَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} [الكهف: ١٠٣] إِلَى قَوْلِهِ: {يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: ١٠٤]، قُلْتُ: أَهُمُ الْحَرُورِيَّةُ؟ قَالَ: لَا ; هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، أَمَّا الْيَهُودُ فَكَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا النَّصَارَى ; فَكَفَرُوا بِالْجَنَّةِ، وَقَالُوا: لَيْسَ فِيهَا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ، وَلَكِنَّ الْحَرُورِيَّةُ: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٧]

فَالْأَوَّلُ: لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ بِشَهَادَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُمْ تَأَوَّلُوا التَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةَ، وَكَذَا فَعَلَ الْمُبْتَدِعَةُ وَهُوَ بَابُهُمُ الَّذِي دَخَلُوا فِيهِ.

وَالثَّانِي: لِأَنَّهُمْ تَصَرَّفُوا فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ هَذَا التَّصَرُّفَ.

فَأَهْلُ حَرُورَاءَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْخَوَارِجِ قَطَعُوا قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: ٥٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>