للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٌ» وَالتَّمَارِي فِي الْفُوَقِ فِيهِ هَلْ فِيهِ فَرْثٌ وَدَمٌ أَمْ لَا؟ شَكٌّ بِحَسَبِ التَّمْثِيلِ: هَلْ خَرَجُوا مِنَ الْإِسْلَامِ حَقِيقَةً؟ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ لَا يُعَبَّرُ بِهَا عَمَّنْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ بِالِارْتِدَادِ مَثَلًا.

وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْأُمَّةُ فِي تَكْفِيرِ هَؤُلَاءِ الْفِرَقِ أَصْحَابِ الْبِدَعِ الْعُظْمَى. وَلَكِنَّ الَّذِي يَقْوَى فِي النَّظَرِ وَبِحَسَبِ الْأَثَرِ عَدَمُ الْقَطْعِ بِتَكْفِيرِهِمْ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ عَمَلُ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِيهِمْ، أَلَّا تَرَى إِلَى صُنْعِ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ فِي الْخَوَارِجِ؟ وَكَوْنِهِ عَامَلَهُمْ فِي قِتَالِهِمْ مُعَامَلَةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: ٩]، فَإِنَّهُ لَمَّا اجْتَمَعَتِ الْحَرُورِيَّةُ وَفَارَقَتِ الْجَمَاعَةَ لَمْ يُهَيِّجْهُمْ عَلِيٌّ وَلَا قَاتَلَهُمْ، وَلَوْ كَانُوا بِخُرُوجِهِمْ مُرْتَدِينَ لَمْ يَتْرُكْهُمْ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:

«مِنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ،» وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ خَرَجَ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَلَمْ يَتْرُكْهُمْ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ مَا بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ.

وَأَيْضًا، فَحِينَ ظَهَرَ مَعْبَدُ الْجُهَنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْقَدَرِ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ لَهُمْ إِلَّا الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ وَالْعَدَاوَةُ وَالْهِجْرَانُ، وَلَوْ كَانُوا خَرَجُوا إِلَى كُفْرٍ مَحْضٍ لَأَقَامُوا عَلَيْهِمُ الْحَدَّ الْمُقَامَ عَلَى الْمُرْتَدِّينَ. وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيْضًا لَمَّا خَرَجَ فِي زَمَانِهِ الْحَرُورِيَّةُ بِالْمَوْصِلِ أَمَرَ بِالْكَفِّ عَنْهُمْ عَلَى حَدِّ مَا أَمَرَ بِهِ عَلِيٌّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ، وَلَمْ يُعَامِلْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>