يَا رَأْسَ جَالُوتٍ! أَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، وَأَطْعَمَكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، وَضَرَبَ لَكُمْ فِي الْبَحْرِ طَرِيقًا يَبَسًا، وَجَعَلَ لَكُمُ الْحَجَرَ الطُّورِيَّ يَخْرُجُ لَكُمْ مِنْهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ عَيْنًا لِكُلِّ سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَيْنٌ! إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي عَلَى كَمِ افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ مِنْ فِرْقَةٍ بَعْدَ مُوسَى؟ فَقَالَ لَهُ: وَلَا فِرْقَةً وَاحِدَةً. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: كَذَبْتَ وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَقَدِ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً.
ثُمَّ دَعَا الْأَسْقُفَ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى، وَجَعَلَ عَلَى رِجْلِهِ الْبَرَكَةَ، وَأَرَاكُمُ الْعِبْرَةَ، فَأَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأَحْيَا الْمَوْتَى، وَصَنَعَ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ طُيُورًا وَأَنْبَأَكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ. فَقَالَ: دُونَ هَذَا الصِّدْقُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. كَمِ افْتَرَقَتِ النَّصَارَى بَعْدَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ فِرْقَةٍ؟ قَالَ: لَا. وَاللَّهِ وَلَا فِرْقَةً. فَقَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. لَقَدِ افْتَرَقَتْ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، فَقَالَ: أَمَّا أَنْتَ يَا يَهُودِيُّ! فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: ١٥٩] فَهِيَ الَّتِي تَنْجُو، وَأَمَّا نَحْنُ فَيَقُولُ اللَّهُ فِينَا: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: ١٨١] فَهَذِهِ الَّتِي تَنْجُو مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute