للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" كُلَّ " دَاخِلٍ تَحْتَ رَايَةِ الْإِسْلَامِ مِنْ سُنِّيٍّ أَوْ مُبْتَدِعٍ مُدَّعٍ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي نَالَ رُتْبَةَ النَّجَاةِ وَدَخَلَ فِي غِمَارِ تِلْكَ الْفِرْقَةِ، إِذْ لَا يَدَّعِي (خِلَافَ) ذَلِكَ إِلَّا مَنْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ، وَانْحَازَ إِلَى فِئَةِ الْكُفْرِ، كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَفِي مَعْنَاهُمْ مَنْ دَخَلَ بِظَاهِرِهِ وَهُوَ مُعْتَقِدٌ غَيْرَهُ كَالْمُنَافِقِينَ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَرْضَ لِنَفْسِهِ إِلَّا بِوَصْفِ الْإِسْلَامِ وَقَاتَلَ سَائِرَ الْمِلَلِ عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْضَى لِنَفْسِهِ بِأَخَسِّ مَرَاتِبِهَا - وَهُوَ مُدَّعٍ أَحْسَنَهَا - وَهُوَ الْمُعَلِّمُ فَلَوْ عَلِمَ الْمُبْتَدِعُ أَنَّهُ مُبْتَدِعٌ لَمْ يَبْقَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَلَمْ يُصَاحِبْ أَهْلَهَا، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَتَّخِذَهَا دِينًا يَدِينُ بِهِ لِلَّهِ، وَهُوَ أَمْرٌ مَرْكُوزٌ فِي الْفِطْرَةِ لَا يُخَالِفُ فِيهِ عَاقِلٌ. تَنَازُعُ الْفِرَقِ وَتَعْبِيرُ كُلٍّ مِنْهَا عَنْ نَفْسِهَا

فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكُلُّ فِرْقَةٍ تُنَازِعُ صَاحِبَتَهَا فِي فِرْقَةِ النَّجَاةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُبْتَدِعَ آخِذٌ أَبَدًا فِي تَحْسِينِ حَالَتَيْهِ شَرْعًا وَتَقْبِيحِ حَالَةِ غَيْرِهِ؟ فَالظَّاهِرُ يَدَّعِي أَنَّهُ الْمُتَّبِعُ لِلسُّنَّةِ.

وَالْغَاشُّ يَدَّعِي أَنَّهُ الَّذِي فَهِمَ الشَّرِيعَةَ، وَصَاحِبُ نَفْيِ الصِّفَاتِ يَدَّعِي أَنَّهُ الْمُوَحِّدُ.

وَالْقَائِلُ بِاسْتِقْلَالِ الْعَبْدِ [يَدَّعِي] أَنَّهُ صَاحِبُ الْعَدْلِ، وَكَذَلِكَ سَمَّى الْمُعْتَزِلَةُ أَنْفُسَهُمْ أَهْلَ الْعَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ.

وَالْمُشَبِّهُ يَدَّعِي أَنَّهُ الْمُثْبِتُ لِذَاتِ الْبَارِي وَصِفَاتِهِ، لِأَنَّ نَفْيَ التَّشْبِيهِ عِنْدَهُ نَفْيٌ مَحْضٌ، وَهُوَ الْعَدَمُ.

وَكَذَلِكَ كَلُّ طَائِفَةٍ مِنَ الطَّوَائِفِ الَّتِي ثَبَتَ لَهَا اتِّبَاعُ الشَّرِيعَةِ أَوْ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا.

وَإِذَا رَجَعْنَا إِلَى الِاسْتِدْلَالَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ أَوِ السُّنِّيَّةِ عَلَى الْخُصُوصِ، فَكُلُّ طَائِفَةٍ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>