قَصْدِ الشَّارِعِ إِلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَيُقَوِّيهِ مَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ النَّاسُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عُمَرَ قَالُوا: مَاذَا يَقُولُ لِرَبِّهِ إِذَا لَقِيَهُ؟ اسْتَخْلَفَ عَلَيْنَا فَظًّا غَلِيظًا وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ فَكَيْفَ لَوْ قَدَرَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: أَبِرَبِّي تُخَوِّفُونِي؟ أَقُولُ: اسْتَخْلَفْتُ خَيْرَ خَلْقِكَ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ. إِنَّ لِلَّهِ عَمَلًا بِاللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَعَمَلًا بِالنَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ نَافِلَةً حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ! وَذَلِكَ أَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِمْ حَسَنَةً فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: عَمَلِي خَيْرٌ مِنْ هَذَا، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الرَّغْبَةَ وَالرَّهْبَةَ لِكَيْ يَرْغَبَ الْمُؤْمِنُ فَيَعْمَلُ وَيَرْهَبُ، فَلَا يُلْقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ؟ أَلَمْ تَرَ أَنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ وَتَرْكِهِمُ الْبَاطِلَ فَثَقُلَ عَمَلُهُمْ؟ وَحَقُّ الْمِيزَانِ لَا يُوضَعُ فِيهِ إِلَّا حُقَّ أَنْ يَثْقُلَ؟ أَلَمْ تَرَ أَنَّمَا خَفَّتْ مَوَزِاينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ وَتَرْكِهِمُ الْحَقَّ؟ وَحَقُّ الْمِيزَانِ لَا يُوضَعُ فِيهِ إِلَّا الْبَاطِلُ أَنْ يَخِفَّ.
ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنْ حَفِظْتَ وَصِيَّتِي لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَأَنْتَ لَابُدَّ لَاقِيهِ، وَإِنْ ضَيَّعْتَ وَصِيَّتِي لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَبْغَضُ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ وَلَا تُعْجِزُهُ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ يَشْهَدُ لَهُ الِاسْتِقْرَاءُ لِمَنْ تَتَبَّعَ آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute