الْأَنْصَارِيُّ، وَهُمْ مُعْظَمُ النَّاسِ وَكَافَّتُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُمُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ.
قَالَ: وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ حِينَ طُعِنَ لِصُهَيْبٍ: صَلِّ بِالنَّاسِ ثَلَاثًا وَلْيَدْخُلْ عَلَيَّ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَلْيَدْخُلِ ابْنُ عُمَرَ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، فَقُمْ يَا صُهَيْبُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ بِالسَّيْفِ فَإِنْ بَايَعَ خَمْسَةٌ وَنَكَصَ وَاحِدٌ فَاجْلِدْ رَأْسَهُ بِالسَّيْفِ، وَإِنْ بَايَعَ أَرْبَعَةٌ وَنَكَصَ رَجُلَانِ فَاجْلِدْ رَأْسَيْهِمَا حَتَّى يَسْتَوْثِقُوا عَلَى رَجُلٍ.
قَالَ: فَالْجَمَاعَةُ الَّتِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُزُومِهَا وَسَمَّى الْمُنْفَرِدَ عَنْهَا مُفَارِقًا لَهَا نَظِيرُ الْجَمَاعَةِ الَّتِي أَوْجَبَ عُمَرُ الْخِلَافَةَ لِمَنِ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ صُهَيْبًا بِضَرْبِ رَأْسِ الْمُنْفَرِدِ عَنْهُمْ بِالسَّيْفِ. فَهُمْ فِي مَعْنَى كَثْرَةِ الْعَدَدِ الْمُجْتَمِعِ عَلَى بَيْعَتِهِ وَقِلَّةِ الْعَدَدِ الْمُنْفَرِدِ عَنْهُمْ.
قَالَ: وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ أَنْ لَا تَجْتَمِعَ الْأُمَّةُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَمَعْنَاهُ أَنْ لَا يَجْمَعَهُمْ عَلَى إِضْلَالِ الْحَقِّ فِيمَا نَابَهُمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ حَتَّى يَضِلَّ جَمِيعُهُمْ عَنِ الْعِلْمِ وَيُخْطِئُوهُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي الْأُمَّةِ.
هَذَا تَمَامُ كَلَامِهِ وَهُوَ مَنْقُولٌ بِالْمَعْنَى وَتَحَرٍّ فِي أَكْثَرِ اللَّفْظِ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْجَمَاعَةَ رَاجِعَةٌ إِلَى الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْإِمَامِ الْمُوَافِقِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى غَيْرِ سُنَّةٍ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ، كَالْخَوَارِجِ وَمَنْ جَرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute