للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ التَّخَوُّفَ عِنْدَهُمْ هُوَ التَّنَقُّصُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ. كَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي فِقْهِ الْعَرَبِيَّةِ وَخَفَاءِ بَعْضِ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى بَعْضِ الْعَرَبِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الْأَلْسِنَةِ مَذْهَبًا، وَأَكْثَرُهَا أَلْفَاظًا.

قَالَ: وَلَا نَعْلَمُهُ يُحِيطُ بِجَمِيعِ عِلْمِهِ إِنْسَانٌ غَيْرُ نَبِيٍّ. وَلَكِنَّهُ لَا يَذْهَبُ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى عَامَّتِهِ حَتَّى لَا يَكُونَ مَوْجُودًا فِيهَا مَنْ يَعْرِفُهُ - قَالَ - وَالْعِلْمُ بِهِ عِنْدَ الْعَرَبِ كَالْعِلْمِ بِالسُّنَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا نَعْلَمُ رَجُلًا جَمَعَ السُّنَنَ فَلَمْ يَذْهَبْ مِنْهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَإِذَا جَمَعَ (عِلْمَ) عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَا أَتَى عَلَى السُّنَنِ، وَإِذَا فَرَّقَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَهَبَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ مِنْهَا، ثُمَّ كَانَ مَا ذَهَبَ عَلَيْهِ مِنْهَا مَوْجُودًا عِنْدَ غَيْرِهِ مِمَّنْ كَانَ فِي طَبَقَتِهِ وَأَهْلِ عِلْمِهِ قَالَ: وَهَكَذَا لِسَانُ الْعَرَبِ عِنْدَ خَاصَّتِهَا وَعَامَّتِهَا لَا يَذْهَبُ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَيْهَا وَلَا يُطْلَبُ عِنْدَ غَيْرِهَا، وَلَا يَعْلَمُهُ إِلَّا مَنْ نَقَلَهُ عَنْهَا، وَلَا يُشْرِكُهَا فِيهِ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَهَا فِي تَعَلُّمِهِ مِنْهَا، وَمَنْ قَبِلَهُ مِنْهَا فَهُوَ مِنْ أَهْلِ لِسَانِهَا، وَإِنَّمَا صَارَ غَيْرُهُمْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ لِتَرْكِهِ، فَإِذَا صَارَ إِلَيْهِ صَارَ مِنْ أَهْلِهِ.

هَذَا مَا قَالَ وَلَا يُخَالِفُ فِيهِ أَحَدٌ، فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا لَزِمَ كُلُّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْكَلَامَ الَّذِي بِهِ أُدِّيَتْ، وَأَنْ لَا يَحْسُنَ ظَنُّهُ بِنَفْسِهِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ لَهُ مِنْ أَهْلِ عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ النَّظَرَ، وَأَنْ لَا يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُشْكِلَةِ الَّتِي لَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمُهُ دُونَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، فَإِنْ ثَبَتَ عَلَى هَذِهِ الْوَصَاةِ كَانَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - مُوَافِقًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ الْكِرَامُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>