وَلْنَذْكُرْ لِذَلِكَ سِتَّةَ أَمْثِلَةٍ:
أَحَدُهَا: قَوْلُ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} [يوسف: ٨٠] أَنَّ تَأْوِيلَ هَذِهِ الْآيَةِ لَمْ يَجِئْ بَعْدُ - وَكَذَبَ - فَإِنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ مَذْهَبَ الرَّافِضَةِ، فَإِنَّهَا تَقُولُ إِنَّ عَلِيًّا فِي السَّحَابِ فَلَا يَخْرُجُ مَعَ مَنْ خَرَجَ مِنْ وَلَدِهِ حَتَّى يُنَادِيَ عَلِيٌّ مِنَ السَّمَاءِ: اخْرُجُوا مَعَ فُلَانٍ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} [يوسف: ٨٠] الْآيَةَ، عِنْدَ جَابِرٍ حَسْبَمَا فَسَّرَهُ سُفْيَانُ مِنْ قَوْلِهِ: لَمْ يَجِئْ بَعْدُ.
بَلْ هَذِهِ الْآيَةُ كَانَتْ فِي إِخْوَةِ يُوسُفَ، وَقَعَ ذَلِكَ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِ مُسْلِمٍ، وَمَنْ كَانَ ذَا عَقْلٍ فَلَا يَرْتَابُ فِي أَنَّ سِيَاقَ الْقُرْآنِ دَالٌّ عَلَى مَا قَالَ سُفْيَانُ، وَأَنَّ مَا قَالَهُ جَابِرٌ لَا يَنْسَاقُ.
وَالثَّانِي: قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ نِكَاحُ تِسْعٍ مِنَ الْحَلَائِلِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] لِأَنَّ أَرْبَعًا إِلَى ثَلَاثٍ إِلَى اثْنَتَيْنِ تِسْعٌ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِمَعْنَى فُعَالٍ وَمَفْعَلٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ، فَانْكِحُوا إِنْ شِئْتُمُ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا عَلَى التَّفْصِيلِ لَا عَلَى مَا قَالُوا.
وَالثَّالِثُ: قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُحَرَّمَ مِنَ الْخِنْزِيرِ إِنَّمَا هُوَ اللَّحْمُ، وَأَمَّا الشَّحْمُ فَحَلَالٌ لِأَنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا حَرَّمَ اللَّحْمَ دُونَ الشَّحْمِ، وَلَوْ عَرَفَ أَنَّ اللَّحْمَ يُطْلَقُ عَلَى الشَّحْمِ أَيْضًا بِخِلَافِ الشَّحْمِ فَإِنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute