وَقَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ ذَوَاتُ الْأَشْيَاءِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، وَصِفَاتُهَا وَأَحْوَالُهَا وَأَفْعَالُهَا وَأَحْكَامُهَا جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، فَالشَّيْءُ الْوَاحِدُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْيَاءِ يَعْلَمُهُ الْبَارِي تَعَالَى عَلَى التَّمَامِ وَالْكَمَالِ، بِحَيْثُ لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَحْوَالِهِ وَلَا فِي أَحْكَامِهِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّ عِلْمَهُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ قَاصِرٌ نَاقِصٌ، سَوَاءً كَانَ فِي تَعَقُّلِ ذَاتِهِ أَوْ صِفَاتِهِ أَوْ أَحْوَالِهِ أَوْ أَحْكَامِهِ، وَهُوَ فِي الْإِنْسَانِ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ مَحْسُوسٌ لَا يَرْتَابُ فِيهِ عَاقِلٌ تُخْرِجُهُ التَّجْرِبَةُ إِذَا اعْتَبَرَهَا الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ.
وَأَيْضًا: فَأَنْتَ تَرَى الْمَعْلُومَاتِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ تَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ ضَرُورِيٌّ لَا يُمْكِنُ التَّشْكِيكُ فِيهِ، كَعِلْمِ الْإِنْسَانِ بِوُجُودِهِ، وَعِلْمِهِ بِأَنَّ الِاثْنَيْنِ أَكْثَرُ مِنَ الْوَاحِدِ، وَأَنَّ الضِّدَّيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ.
وَقِسْمٌ لَا يَعْلَمُهُ أَلْبَتَّةَ، إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ بِهِ أَوْ يُجْعَلَ لَهُ طَرِيقٌ إِلَى الْعِلْمِ بِهِ، وَذَلِكَ كَعِلْمِ الْمُغَيَّبَاتِ عَنْهُ، كَانَتْ مِنْ قَبِيلِ مَا يُعْتَادُ عَلِمَ الْعَبْدُ بِهِ أَوْ لَا، كَعِلْمِهِ بِمَا تَحْتَ رِجْلَيْهِ، إِلَّا أَنَّهُ مُغَيَّبٌ عَنْهُ تَحْتَ الْأَرْضِ بِمِقْدَارِ شِبْرٍ. وَعِلْمِهِ بِالْبَلَدِ الْقَاصِي عَنْهُ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ بِهِ عَهْدٌ. فَضْلًا عَنْ عِلْمِهِ بِمَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْبِحَارِ وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ عَلَى التَّفْصِيلِ. فَعِلْمُهُ لِمَا لَمْ يُجْعَلْ لَهُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ غَيْرُ مُمْكِنٍ.
وَقَسَمٌ نَظَرِيٌّ يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِهِ - وَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute