للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: ٤٠] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ - وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ - ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: ١ - ١٥].

فَالْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْعَقْلِ أَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيِ الشَّرْعِ، فَإِنَّهُ مِنَ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، بَلْ يَكُونُ مُلَبِّيًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ.

ثُمَّ نَقُولُ: إِنَّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِلصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَعَلَيْهِ دَأَبُوا، وَإِيَّاهُ اتَّخَذُوا طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ فَوَصَلُوا. وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ سَيْرِهِمْ أَشْيَاءُ:

مِنْهَا: أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ أَقَرُّوا وَأَذْعَنُوا لِكَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُصَادِمُوهُ وَلَا عَارَضُوهُ بِإِشْكَالٍ. وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَنُقِلَ إِلَيْنَا كَمَا نُقِلَ إِلَيْنَا سَائِرُ سِيَرِهِمْ وَمَا جَرَى بَيْنَهُمْ مِنَ الْقَضَايَا وَالْمُنَاظَرَاتِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ إِلَيْنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ آمَنُوا بِهِ وَأَقَرُّوهُ، كَمَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَلَا نَظَرٍ.

كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: الْكَلَامُ فِي الدِّينِ أَكْرَهُهُ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ بَلَدِنَا يَكْرَهُونَهُ وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ، نَحْوَ الْكَلَامِ فِي رَأْيٍ جَهْمٍ وَالْقَدَرِ، وَكُلِّ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>