واختلفت عبارة أهل هذا الشأن في الرسم التام فقيل الجنس والخاصة، وعلى هذا الاصطلاح لا يكون للفصل والخاصة اسم جامع مانع محصل للمقصود أكثر من الجنس لذكرك الميز، والخاصة وهي الفصل، وقيل الرسم التام: ما اجتمع فيه الداخل والخارج كيف كان، وعلى هذا يصدق الرسم التام عليهما، والأول عليه الأكثرون. وأما الخامس فاشترطت فيه المرادفة احترازاً من الرسم الناقص. والحد الناقص؛ فإنه تبديل لفظ بلفظ وله اسم يخصه ليس من هذا القبيل.
وقولي هو أشهر منه عند السامع لأن الشهرة قد تنعكس فيقول الشامي للمصري ما الفول فيقول له الباقلي لأنه اللفظ الذي يعرفه الشامي. ويقل المصري لشامي ما الباقلي فيقول له الفول لأنه اللفظ المشهور عند المصري. أما لو كان متساوياً في الجهالة أو أخفى مل يصح البيان به، فلذلك اشترطت الشهرة وقيل المرادفة احترازاً عن الحدود والرسوم؛ فإن مسمى كل لفظ منها غير المحدود فلا ترادف، بخلاف هذا القسم (١) .
فوائد
الفائدة الأولى: أن المراد بالضاحك والكاتب ونحو ذلك من خصائص الإنسان
الضاحك بالقوة دون الفعل؛ فإن الضحك بالقوة هو الموجود في جميع أفراد الإنسان فيكون جامعاً مانعاً. أما الضحك بالفعل فقد يعرى عنه كثير من أفراد الإنسان ويكون معبِّساً، فلا يكون الحد جامعاً، بل المراد القوة التي هي القابلية دون الفعل الذي هو الوجود والوقوع، وقس عليه غيره.
الفائدة الثانية: بأي ضابط يعرف الجزء الداخل من اللازم الخارج حتى يمتاز الحد عن الرسم؟ وهذا مقام قد أشكل على جمع كثير من الفضلاء فمنهم من يقول الناطق والضاحك سيان لأنهما صفتان للإنسان فلم قلتم أحدهما فصل والآخر خاصة؟! ومنهم من يقول نحن نعلم بالعقل الماهية المركبة وأجزاءها وما عدا ذلك فهو خارج عنهما وهذا معلوم بالعقل ضرورة.
وليس الأمر كما قال الفريقان. بل الحق أن هذه الأمور لا تعلم بالعقل فإن
(١) هذه المصطلحات التي وردت في هذا الجزء من الكتاب تنظر في علم المنطق قبل قراءة علم أصول الفقه.