العموم موضوع في الاصطلاح لما كان الشمول فيه من جهة اللفظ نطقاً لا من جهة المفهوم، وأما عموم النفي في المسكوت فهو قائل به، لأنه من القائلين بأن المفهوم حجة.
وخالف القاضي أبو بكر في جميع هذه الصيغ، وقال بالوقف مع الواقفية، وقال أكثر الواقفية إن الصيغ مشتركة بين العموم والخصوص، وقيل يحمل على أقل الجمع، وخالف أبو هاشم مع الواقفية في الجمع المعرف باللام، وخالف الإمام فخر الدين مع الواقفية في المفرد المعرف باللام، لنا أن العموم هو المتبارد، فيكون مسمى اللفظ عموماً كسائر الألفاظ لصحة الاستثناء في كلّ فرد، وما صح استثناؤه وجب اندراجه.
سبب توقف القاضي في الجميع وجدانه أكثر صيغ العموم مستعملة في الخصوص، حتى قيل ما من عام إلاّ وقد خص إلاّ قوله تعالى:«والله بكل شيء عليم» فلما تعارضت الأدلة عنده من جهة أن الأصل عدم التخصيص وعدم المجاز وعدم الاشتراك، حصل له التوقف. وقال في مستند التوقف لو علم مسمى هذه الصيغ لعلم إما بالعقل وهو باطل لعدم استقلال العقل بدرك اللغات، أو بالنقل وهو إما متواتر وهو باطل وإلا لعلمه الكل لأن التواتر مفيد للعلم، أو آحاد وهو باطل؛ لأن الآحاد لا تفيد إلاّ الظن، والمسألة علمية، وهذا المستند طرده في الأوامر والعمومات وجميع الألفاظ التي حصل له فيها التوقف.
وجوابه: أنه علم بالاستقراء التام من اللغات على سبيل القطع والتواتر، ولا يلزم علم الكل به لعدم اشتراكهم في هذا الاستقراء التام، أو يعلم ذلك بدليل مركب من النقل
والعقل، وهذا المدرك لم يذكره في تقسيمه فقسمته غير حاصرة فلا تفيد، ومثاله أن ينقل إلينا أن الاستثناء يدخل على صيغة العموم، وأن الاستثناء عبارة عما لولاه لوجب اندراجه، فيستنبط العقل من هاتين المقدمتين النقليتين بوساطة: أن ما من نوع إلاّ يصح استثناؤه وما استثني فيجب اندراجه، فيحصل أن الصيغة للعموم، وحجة