للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاشتراك أن اللفظ مستعمل فيهما، والأصل في الاستعمال الحقيقة، ولحسن الاستفهام عند قول القائل أكرمت كلّ من في الدار، فيقال له هل أكرمت زيداً معهم؟ والاستفهام طلب الفهم، وطلب الفهم مع حصوله عبث.

والجواب عن الأوّل: أن الأصل أيضاً عدم الاشتراك فيكون اللفظ مجازاً في الخصوص، والمجاز أولى من الاشتراك لما تقدم. وعن الثاني: أن الاستفهام يحسن لإبعاد المجاز، بل يحسن حيث ينتفي المجاز بالكلية كما في أسماء الأعداد، فإذا قيل لك بعث لك السلطان بعشرة آلاف دينار، تقول بعشرة آلاف دينار؟! استعظاماً لذلك، لاحتمال أن يكون المتكلم حصل له سهو في كلامه، ولفظ العشرة لا يحتمل المجاز البتة، فصيغة العموم أولى بصحة الاستفهام، وأما حمله على أقل الجمع فللجزم بعدم العموم (١) فصار الجمع المعرف عند هذا القائل كالجمع المنكر، والمنكر يحمل على أقل الجمع فكذلك هذا.

وأما الجمع المعرف باللام فتخيل أبو هاشم: أن اللام قد تكون لبيان حقيقة الجنس كقول السيد لعبده امض إلى السوق فاشتر لنا الخبز واللحم، فإن مراده ليس العموم إجماعاً، بل الإتيان بهاتين الحقيقتين، وقد تكون للعهد كقوله تعالى: «كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول» (٢) ، أي المعهود ذكره الآن، وإذا صلحت للاستغراق وغيره لم يتعين الاستغراق، وهذا بعينه مدرك الإمام فخر الدين غير أنه يفرق بين الجمع والمفرد لو كان للعموم لصح نعته بالجمع، فتقول جاءني الفقيه الفضلاء ولا يؤكد بالجمع نحو جاءني الفقيه كلهم، وليس كذلك، فدل على أنه ليس للعموم.

وجوابه: أن العرب اشترطت في النعت والتأكيد مع المساواة في المعنى المناسبة اللفظية فلا ينعتون المفرد إلاّ بالمفرد، ولا التثنية إلاّ بالتثنية، ولا الجمع إلاّ بالجمع،


(١) لعل صحة العبارة: فلعدم الجزم بالعموم.
(٢) ١٦ المزمل.

<<  <   >  >>