فالمفرد وإن كان للعموم والجمع للعموم، غير أن المناسبة اللفظية فاتت، فلذلك امتنع نعت المفرد بالجمع، ويدل على أن هذه الصيغة التي ادعينا فيها العموم للعموم أمور أربعة حسن الجري على موجب العموم، فإذا قال من دخل داري فأعطه درهماً، يحسن من العبد إعطاء
كلّ داخل. وثانيها: العتب على ترك بعض الداخلين. والثالث: الثواب إذا فعل الجميع، والعقاب إذا ترك البعض. والرابع حسن الاستثناء، فهذه مطردة في جميع صور النزاع.
تنبيه: النكرة في سياق النفي يستثنى منها صورتان: إحداهما لا رجل في الدار بالرفع فإن المنقول عن العلماء أنها لا نعم، وهي تبطل على الحنفية ما ادعوه من أن النكرة إنّما عمت لضرورة ففي المشترك، وعند غيرهم عمت لأنها موضوعة لغة لإثبات السلب لكل واحد من أفرادها، وثانيهما سلب الحكم عن العمومات نحو ليس كلّ بيع حلالاً فإنه نكرة في سياق النفي ولا يعم لأنه سلب للحكم عن العموم، لا حكم بالسلب على العموم.
تقدم التنبيه على هاتين الصورتين عند ذكر النكرة في النفي.
وقالت الحنفية بالعموم بطريق الالتزام، لأنه يلزم من نفي الأمر الكليّ نفي أفراده وجزئياته.
ونحن نقول النفي حصل في الأنواع والأفراد مطابقة، وأن العرب وضعت النكرة في سياق النفي للقضاء بالحكم على كلّ فرد فرد حتى لا يبقى فرد، لا لأنها لقول القائل: هل من رجل في الدار؟ فكان الأصل أن يقال لا من رجل في الدار، مع إثبات (من) غير أن العرب حذفتها تخفيفاً وأبقت معناها وهو سبب البناء لأجل تضمن الكلام معنى المبني وهو (من) وإذا تقرر أن لفظة من هي في أصل الكلام، وهو سبب البناء (ومن) لا تدخل إلاّ للتبعيض هنا، والتبعيض لا يتأتى في ذلك الأمر الكليّ، بل في الإفراد، فيكون النافي إنّما نفي الإفراد وهو المطلوب.