للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكلية: هي ثبوت الحكم لكل واحد بحيث لا يبقى واحد، ويكون الحكم ثابتاً للكل بطريق الالتزام وهذا كصيغ العموم كلها، فإذا قلنا كلّ إنسان يشبعه رغيفان غالباً، صدق باعتبار الكليّة دون الكل، أو كلّ رجل يشيل الصخرة العظيمة، صدق باعتبار الكل دون الكليّة: فلو كان مدلول العموم كلاً لما لزم ثبوت حكمه لفرد معين من أفراد إذا كان في سياق النفي أو النهي، لأنه لا يلزم من النهي، عن المجموع إلاّ ترك ذلك المجموع من حيث هو ذلك المجموع، وذلك يكفي في تحققه جزء منه، لكن العام هو الذي يقتضي ثبوت حكمه لكل فرد منه في النفي والنهي، وذلك إنّما يتحقق إذا كان مسماه كليّة لا كلاً.

وتندرج العبيد عندنا وعند الشافعي في صيغة الناس والذين آمنوا.

قال القاضي عبد الوهاب على اندراجهم جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية وغيرهم، وقال بعض متأخري الشافعية لا يندرجون. لنا أنهم من الناس، والذين آمنوا؛ لأنهم من بني آدم، وقد آمنوا، فيكونون ناساً ومؤمنين. حجة المخالف قوله تعالى: «والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء» (١) ، والأمة لا يلزمها ذلك، وآية الجمعة لم تتناولهم، والأصل عدم التخصيص، فلو تناولتهم هذه النصوص لزم دخول التخصيص فيها، ولأن الله تعالى إذا أرادهم بالحكم أفردهم بالذكر، فلو كان

الخطاب يتناولهم لزم التكرار، كقوله تعالى: «وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم» (٢) .

والجواب عن الأوّل أن وجود المسمى، ولا يتناوله الاسم أيضاً خلاف الأصل وهم ناس ومؤمنون، والتخصيص أولى من اعتقاد أن الاسم لا يتناول مسماه، فإن التخصيص كثير وهذا لا يوجد في اللغة. وعن الثاني أن قوله تعالى: «وانكحوا» ضمير، والضمير لا عموم فيه لغة، وإنما يعلم المراد به من دليل من خارج؛ فإذا قال السيد لعبيده اخرجوا لا يعلم أنهم كلّ عبيده أو بعضهم إلاّ بدليل يدل على أن الواقف عنده في ذلك الوقت هل الكل أو البعض، وكذلك ضمير الغائب لا يعلم


(١) ٢٢٨ البقرة.
(٢) ٣٢ النور.

<<  <   >  >>