للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلاّ من قبل الظاهر المفسر له، وأما المضمر من حيث هو مضمر فلا عموم فيه لغة فلما لم يكن عاماً لم يتعين تناوله للعبيد والإماء، فلذلك ذكرهم الله تعالى. وينبني على الخلاف صحة الاستدلال بنصوص التكاليف على ثبوتها في حقهم حيث يقع النزاع فيها بين العلماء.

ويندرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في العموم عندنا وعند الشافعية وقيل علو منصبه يأبى ذلك، وقال الصيرفي إن صدر الخطاب بالأمر بالتبليغ لم يتناوله وإلا تناوله.

جرت عوائد الملوك أنهم لا يخطابون خاصتهم بخطاب يعم العامة معهم، بل يخصونهم بخطاب خاص، فمن لاحظ هذه القاعدة قال بعدم الاندراج، ومن لاحظ وجود مسمى اللفظ قال بالاندراج. وأجاب عن الأوّل بأن وزير الملك وقائد جيشه يكون في العظمة وصفات الكمال مقارباً للملك، وربما كان أكمل منه، فلذلك قبح اندراجهم مع العامة في الخطاب وتعين سلوك الأدب معهم. وأما خواص الله تعالى وإن عظمت أقدارهم غاية العظمة فهم كالعدم بالنسبة إلى الله تعالى، وجميع ما هم فيه من عطاء الله تعالى ومواهبه، وليس لهم من ذواتهم إلاّ العجز الصرف والحاجة والعدم والفناء والتغير والزوال. والله تعالى في غاية العظمة والكمال من جميع الجهات في ذاته وصفاته، غني عن غيره على الإطلاق فبعدت النسبة غاية البعد، بل النسبة منقطعة بالضرورة، فلذلك لم يلزم في حق الله تعالى مع خاصته ما يلزم في أحوال الملوك.

وأما الفرق بين الأمر بالتبليغ وغيره، فلأن الظاهر في الخطاب الذي يبلغه لغيره أنه لا يندرج فيه لغة كقوله تعالى: «قل للمؤمنين يغضُّوا من أبصارهم» (١) ، ونحو ذلك، فهذا لا يتناوله من حيث اللغة بل بدليل منفصل، أو يقال هو مأمور بأن يقول لنفسه أيضاً لأنه من جملة المؤمنين.


(١) ٣٠ النور.

<<  <   >  >>