للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علامة التأنيث، فيختص بالمؤنث هندات ومسلمات وعرفات لعلامة فيه، ولا يتناول المذكر لأن التاء فيه علامة التأنيث، ولذلك حذفت التاء الكائنة في المفرد لئلا يجتمع علامتا تأنيث. هذا نقل النحاة، وكذلك قالوا إن جمع السلامة بالواو والنون أو بالياء والنون نحو مسلمون / مسلمين خاص بالمذكر، وإن الواو فيه علامة للرفع والجمع والتذكير فلا يتناول المؤنث، بأن النحاة قالوا بأن عادة العرب إذا قصدت الجمع من المذكر والمؤنث. قالوا للكل بصفة المذكر، فيقولون زيد والهندات خرجوا، فيأتون بالواو التي هي علامة التذكير. لأن زيداً من جملتهن. وجوابهم أن هذا تناول طرأ عن إرادة المتكلم، وكلامنا في تناول من جهة الوضع اللغوي، فلا حجة فيه.

فائدة: قال الأصوليون (من) ، و (ما) في الاستفهام للعموم، فإذا قلنا من في الدار؟ حسن الجواب بقولنا زيد، وأجمعوا على أنه جواب مطابق؛ والعموم كيف ينطبق عليه

زيد؟ فانطباق زيد يقتضي أن الصيغة ليست للعموم، وكذلك ما عندك؟ فنقول درهم، وهذا سؤال مشكل جليل.

والجواب عنه عسير.

وجوابه: أن العموم إنّما هو باعتبار حكم الاستفهام لا باعتبار الكون (١) في الدار والاستفهام عن جميع الرتب، وكأن المستفهم قال إني أسألك عن كلّ أحد يتصور أن يكون في الدار، لا أخص بسؤالي عدداً دون عدد، ولا نوعاً دون نوع. والواقع من ذلك قد يكون فرداً أو أكثر ولا يكون في الدار أحد، ولذلك يقول المجيب ليس في الدار أحد، فالعموم ليس باعتبار الوقوع بل باعتبار الاستفهام، وشموله لجميع المراتب المتوهم من تلك المادة؛ ونظير هذا أن الله تعالى إذا قال: «واقتلوا المشركين» (٢) ، فلم نجد في الأرض إلاّ مشركاً واحداً فقتلناه، فإنا نكون


(١) في المخطوطة: الكائن.
(٢) ٥ التوبة.

<<  <   >  >>