للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قائمين بما توجه علينا من حكم ذلك العموم، مع أن الواحد ليس بعموم، ما ذاك إلاّ أن الوقوع غير وجوب القتل فالعموم إنّما هو باعتبار أن الله تعالى أوجب قتل كلّ من يتوهم وجوده في العالم من المشركين، فهذه هو العام. أما الواقع من ذلك فقد يكون واحداً أو أكثر أو لا يوجد مشرك البتة، وذلك لا يقدح في العموم ولا في حكمه، فما به حصل العموم غير ما به يخرج عن عهدة العموم.

فائدة: صيغ العموم وإن كانت عامة في الأشخاص فهي مطلقة في الأزمنة والبقاع والأحوال والمتعلقات، فهذه الأربعة لا عموم فيها من جهة ثبوت العموم ن غيرها حتى يوجد لفظ يقتضي العموم فيها، نحو لأصومن الأيام، ولأصلين في جميع البقاع، ولا عصيت الله في جميع الأحوال، ولأشتغلن بتحصيل جميع المعلومات، فإذا قال الله تعالى: «فاقتلوا المشركين» (١) فهذا عام في جميع أفراد المشركين، مطلق في الأزمنة والبقاع والأحوال والمتعلقات، فيقتضي النص قتل كلّ مشرك في زمان ما وفي مكان ما وفي حال ما وقد أشرك بشيء ما، ولا يدل اللفظ على خصوص يوم السبت، ولا مدينة معينة من مدائن المشركين، ولا أن ذلك المشرك طويل أو قصير، ولا أن شركه وقع بالصنم أو بالكوكب، بل اللفظ مطلق في هذه الأربعة.

فائدة: (من) في الاستفهام للعموم، وكل أيضاً إذا كانت في الاستفهام للعموم، فقولنا من في الدار؟ مثل قولنا كلّ الرجال في الدار فاستويا في العموم، واختلفا في أمور كثيرة منها أن كلاً يجاب بنعم أو بلى أو لا، ولا كذلك من، فنقول لمن قال أكل الرجال في الدار؟ نعم أو لا، ولا تقول لمن قال لك من في الدار نعم أو لا، وسبب الفرق وسره أن

نعم وبلى ولا أجوبة موضوعة في لسان العرب للجواب عن التصديقات الخبرية؛ فنعم للموافقة في النفي أو الإيجاب، ولا لمخالفة الإيجاب، وبلى لمخالفة النفي، فمن قال قام زيد وأردت موافقته قلت نعم، أو مخالفته قلت لا ومن قال لم يقم (٢) وأردت موافقته قلت نعم أو مخالفته قلت بلى، وهو


(١) ٥ التوبة.
(٢) في الأصل ألم يقم وغلا لأتى بباقي الجملة هكذا وأرادت موافقته قلت بلى أو مخالفته قلت نعم، لأن هذا جواب ألم.

<<  <   >  >>