للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موصوفاً بصفة تمكن زوالها فهو مقيد لا مخصص لأن الحاصل اشتراط نقيض تلك الصفة فيئول إلى الشرط، وقد تقدم أنه تقييد لا تخصيص، مثال الأوّل اقتلوا المشركين إلاّ زيداً وإلا بني تميم، مثال الثاني إلاّ من يحارب فهذا غَوْر (١) بعيد لم أره لأحد، ويكاد الناس الكل على خلافه فتأمله.

فائدة: قال الشيخ سيف الدين الشرط شرطان شرط السبب وشرط الحكم، فإن كان عدمه مخلاً بحكمة السبب فهو شرط السبب، كالقدرة على التسليم في البيع، وما كان عدمه مشتملاً على حكمه مقتضاها نقيض حكم السبب مع بقاء حكم المسبب، فهو شرط الحكم كعدم الطهارة مع الصلاة، مع الإتيان بمسمى الصلاة، كما أن المانع مانعان مانع السبب ومانع الحكم، فمانع السبب كلّ وصف يخل وجوده بحكمة السبب نفياً كالدين في باب الزكاة مع ملك النصاب، ومانع الحكم هو كلّ وصف وجودي حكمته مقتضاها نقيض حكمة السبب، كالأبوة في باب القصاص مع القتل العمد العدوان.

فائدة: قال الإمام فخر الدين الشرط الداخل على الجمل، اتفق الإمامان أبو حنيفة والشافعي - رضي الله عنهما - أنه يعم الجمل، قلت والفرق بينه وبين الاستثناء الذي خالف أبو حنيفة على عوده على جميع الجمل وخصصه بالجملة الأخيرة، أن الشروط اللغوية أسباب كما تقدم في باب ما يتوقف عليه الأحكام، والسبب شأنه تضمن الحكم والمقاصد، فيتعين عموم تعلقه بجميع الجمل تكثيراً لتلك المصلحة، بخلاف الاستثناء إنّما هو إخراج ما هو غير مراد، ولعله لو بقي لم يخل بحكمة المذكور المراد فالاستثناء ضعف.

فائدة: قال الإمام فخر الدين: اتفقوا على وجوب اتصال الشرط بالكلام، بخلاف الاستثناء اختلفوا في جواز تأخيره بالزمن، قلت: والفرق ما تقدم من تضمنه للحكمة والمصلحة، فيقوى الاهتمام به فلا يتأخر، بخلاف الاستثناء.

فائدة: قالا لإمام فخر الدين يجوز تقديم الشرط في النطق وتأخيره، قاله


(١) في الأصول: فهذا أغور.

<<  <   >  >>