والمدعى للنسخ، وعلى الثاني أنه أيضاً تخصيص دخل في الكتاب لا نسخ؛ لأن بعض ما أحل حرم ولا تنازع فيه.
والإجماع لا ينسخ ولا ينسخ به.
هذا نقل المحصول، وقال الشيخ سيف الدين كون الإجماع ينسخ الحكم الثابت به نفاه الأكثرون وجوزه الأقلون، وكون الإجماع ناسخاً منعه الجمهور وجوزه بعض المعتزلة وعيسى بن أبان.
وبنى الإمام فخر الدين هذه المسألة على قاعدة وهي: أن الإجماع لا ينعقد في زمانه عليه الصلاة والسلام، لأنه بعض المؤمنين بل سيدهم، ومتى وجد قوله عليه الصلاة والسلام فلا عبرة بقول غيره، وإذا لم ينعقد إلاّ بعد وفاته عليه الصلاة والسلام لم يمكن نسخه بالكتاب والسنة لتعذرهما بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، ولا بالإجماع لأن هذا الإجماع الثاني إن كان لا عن دليل فهو خطأ وإن كان عن دليل فقد غفل عنه الإجماع الأوّل فكان خطئاً والإجماع لا يكون خطئاً فاستحال النسخ بالإجماع، ولا بالقياس لأنه من شرطه أن لا يكون على خلاف الإجماع، فيتعذر نسخ الإجماع مطلقاً، وأما كون الإجماع ناسخاً فقال: لا يمكن أن ينسخ كتاباً ولا سنة لأنه يكون على خلافهما فيكون خطئا، ولا إجماعاً لأن أحدهما يلزم أن يكون خطئاً لمخالفته لدليل الإجماع الآخر، ولا قياساً لأن شرط القياس عدم الإجماع، فإذا أجمعوا على خلاف حكم القياس زال القياس لعدم شرطه.
وهذه الطريقة مشكلة بسبب وجود النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمنح وجود الإجماع، لأنه عليه الصلاة والسلام شهد لأمته بالعصمة فقال:«لا تجتمع أمتي على خطأ» وصفة المضاف غير المضاف إليه، وهو عليه الصلاة والسلام لو شهد لواحد في زمانه عليه الصلاة والسلام بالعصمة لم يتوقف ذلك على أن يكون بعده عليه الصلاة والسلام، فالأمة أولى.
ثم إنه نقض هذه القاعدة بعد ذلك فقال يمكن نسخ القياس في زمانه - عليه السلام - بالإجماع، فصرح بجواز انعقاد الإجماع في زمانه عليه السلام.
وأما سيف الدين فلم يقل ذلك، بل قال الإجماع الموجود بعد وفاته عليه الصلاة والسلام لا ينسخ بنص ولا غيره إلى آخر التقسيم.