الأصل فيه عدم العدالة حتى تثبت العدالة عملاً بالغالب في الفريقين.
والعدالة اجتناب الكبائر وبعض الصغائر والإصرار عليها والمباحات الفادحة في المروءة.
الكبيرة والصغيرة يرجعان إلى كبر المفسدة وصغرها وقال بعض العلماء لا يقال في معصية الله تعالى صغيرة نظراً إلى من عُصي بها مع حصول الاتفاق على أن العدالة لا تذهب بجميع الذنوب، بل الخلاف في التسمية، قال بعض العلماء كلّ معصية فيها حد فهي كبيرة، وكذلك كلّ ما ورد في الكتاب أو السنة لعنة فاعلة أو التشديد في الوعيد عليه فهو كبيرة، ثم ما وقع من غير ذلك اعتبر بالنسبة غليه، فإن ساواه في المفسدة حكم بأنه كبيرة، ووردت السنة بأن القبلة في الأجنبية صغيرة والنظرة وأشياء نحوهما، فينظر أيضاً ما ساواهما فهو صغيرة، وأما الإصرار فيخرج الصغيرة عن أن تكون صغيرة، ولذلك يقال لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار. فالإصرار أن يكون العزم حاصلً على معاودة مثل تلك المعصية، أما من تقع منه الصغيرة فيقلع عنها ويتوب ثم يواقعها من غير عزم سابق على تكرار الفعل فليس بإصرار.
فائدة: ما ضابط الإصرار الذي تصير الصغيرة به كبيرة؟ قال بعض العلماء حد ذلك أن يتكرر منه تكراراً - يخل الثقة بصدقه كما تخل به ملابسة الكبيرة فمتى وصل إلى هذه الغاية صارت الصغيرة كبيرة، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص واختلاف الأحوال، والنظر
في ذلك لأهل الاعتبار والنظر الصحيح من الحكام وعلماء الأحكام الناظرين في التجريح والتعديل.
والمباحات الفادحة في المروءة نحو الأكل في الطرقات، والتعري في الخلوات ونحو ذلك مِمّا يدل على أنه غير مكترث باستهزاء الناس به. قال الغزالي إلى أن يكون ذلك فعل ممن يعمل ذلك على سبيل كسر النفس وإلزامها التواضع كما يفعله كثير من العُبَّاد.
وقولي بعض الصغائر: معناه أن من الصغائر ما لا يكون فيه إلاّ مجرد المعصية كالكذبة التي لا يتعلق بها ضرر، والنظرة لغير ذات محرم، ومنها ما يكون دالاً على الاستهزاء بالدين أو المروءة، كما لو قبَّل امرأة في الطريق أو أمسك فرجها