الشارع، فالحزم أن لا يروى عن غير فقيه، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «نصر الله امرءاً سمع مقالتي فأداها كما سمعها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه إلى من ليس بفقيه» فجعل الحامل إما فقيهاً وغيره أفقه منه، أو غيره جاهلاً، ولم يجعل من جملة الأقسام أن الحامل جاهل.
حجة الجواز قوله - عليه السلام -: «يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوله» ولم يشترط الفقه، فكان ساقطاً عن الاعتبار، ولأن العدالة تمنع من تبديل اللفظ إلاّ بشروطه، ومتى كان هذا هو لفظ صاحب الشرع أو بدل لفظه بشروط، أمنا الخلل فإن من شرط تبديل اللفظ مساواته في الدلالة.
قال الإمام فخر الدين لا يخل بالراوي تساهله في غير الحديث، ولا جهله بالعربية، ولا الجهل بنسبه، ولا مخالفة أكثر الأمة لروايته، وقد اتفقوا على أن مخالفة الحفاظ لا تمنع من القبول، ولا كونه على خلاف الكتاب، خلافاً لعيسى بن أبان.
المقصود ضبط الشرائع فالتساهل في غيرها لا يضر، إذا علم ضبطه وتشديده في الحديث، وإذا جهل العربية عدالته تمنعه أن يروي إلاّ كما سمع وعلى إعرابه وصورته، وأنه متى شك في شيء تركه. هذا كله أثر العدالة وهي موجودة فيكتفى بها، والجهل بنسبه إنّما يتوقع منه التدليس به، وتزكنه على نسب آخر فيقع التدليس ولكن هذا أمر يتعلق بالراوي عنه الذي يدلس به، أما هو فلا، ومخالفة الأكثر لروايته أو الحفاظ لا تقدح لأنه قد ينفرد بما لم يطلعوا عليه.
حجة عيسى بن أبان: ما روي عن رسولا لله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«إذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتبا الله فإن وافقه فاقبلوه وإن خالفه فردوه» .
جوابه أنه معارض بقوله تعالى:«لتبين للناس ما نزل إليهم»(١) ومن البيان