التخصيص والمخصص مخالف للعام المخصص، فكان يلزم رده وليس كذلك لظاهر الآية، ولأن ظاهر الحديث يقتضي رده وإن كان متواتراً وليس كذلك بل يحمل الحديث على ما إذا دلت قواطع الكتاب نقيض مقتضاه مع تعذر التأويل.
ولا كون مذهبه على خلاف روايته وهو مذهب أكثر أصحابنا، وفيه أربعة مذاهب، قال الحنفية إن خصصه رجع إلى مذهب الراوي لأنه أعلم. وقال الكرخي ظاهر الخبر أولى. وقال الشافعي إن خالف ظاهر الحديث رجع إلى الحديث، وإن كان أحد الاحتمالين رجع إليه. وقال القاضي عبد الجبار إن كان تأويله على خلاف الضرورة ترك وإلا وجب النظر في ذلك.
هذه المسالة عندي ينبغي أن تخصص ببعض الرواة، فتحمل على الراوي المباشر للنقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى يحسن أن يقال هو أعلم بمراد المتكلم أما مثل مالك ومخالفته الحديث بيع الخيار الذي رواه وغيره من الأحاديث فلا يندرج في هذه المسألة، لأنه لم يباشر المتكلم حتى يحسن أن يقال فيه لعله شاهد من القرائن الحالية أو المقالية ما يقتضي مخالفته، فلا تكون المسألة على عمومها.
حجة الاعتماد على الحديث مطلقاً: أن الحجة في لفظ صاحب الشرع لا في مذهب الراوي فوجب المصير إلى الحديث.
حجة الحنفية: أن المباشر يحصل له من القرائن ما يقتضي تخصيص العام فيرجع إليه في التخصيص، كما يرجع إليه في أصل الحديث.
حجة الشافعي: أن الحديث إذا كان له ظاهر يرجع إليه، لأن الحجة في ظواهر الشريعة لا في مذاهب الرواة، أما إذا لم يكن له ظاهر فقد سقطت الحجة منه فيعتمد على تفسير الراوي، لأنه أعلم بحال المتكلم ولم يعارضه ظاهر سرعي، وهذا كاللفظ المشتركن كما إذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اعتدّي بقرء وقرء وقرء» فحمله الراوي على الإظهار صح ذلك.