يكون لفظ العموم مشتركاً مجملاً لوضعه بين مختلفات، وصيغة العموم مسماها واحد ولا إجمال فيها، ولأن الخصوصات غير متناهية، ووضع لفظ مشترك بين أمور غير متناهية محال، لأن الوضع فرع التصور، وتصور ما لا يتناهى على التفصيل محال. وإن كان موضوعاً للمجموع المركب من كل خصوصية مع المشترك في كل فرد فرد على حياله لزم الاشتراك بين ما لا تناهى وهو محال لما تقدم، أو لمجموع الأفراد بحيث يكون المسمى واحداً وهو المجموع من حيث هو مجموع، فيصير نسبته إلى مسماه كنسبة لفظ لعشرة لمسماها، فحينئذ يتعذر الاستدلال بصيغة العموم على ثبوت حكمها لفرد من أفرادها في النهي أو النفي، لأنه لا يلزم من النهي عن المجموع، أو الإخبار عن نفيه، نفي أجزائيه، ولا اجتناب جميع أجزائي، لأن المجموع يكفي في صدق اجتنابه ترك جزء. وكذلك يصدق نفيه بنفي جزء؛ لكن لفظ العموم هو الذي يحسن الاستدلال به على ثبوت حكمه لكل فرد حالة النفي أو النهي؛ فلا يكون لفظ العموم للعموم على هذا التقدير، فهذا هو الإشكال.
وأجاب بعضهم بأن موضوع المشترك بقيد العدد فلا يكون مطلقاً لحصول العدد ولا مشتركاً لأن مسماه واحد وهو المشترك ومفهوم العدد.
فقلت له: مفهوم العدد كلي والمشترك كلي، والكلي إذا أضيف إلى الكلي صار المجموع كلياً، والموضوع للكلي مطلق فلا يكون عاماً بل يكتفى بما يصدق فيه المشترك والعدد، وذلك يصدق بثلاثة، فعلى هذا إذا قلنا هو اللفظ الموضوع للقدر المشترك بقيد تتبعه في محاله بحكمه اندفعت الأسئلة؛ لأن قيد التتبع في جميع المحال ينفي الإطلاق فإن المطلق لا يتتبع بل يقتصر به على فرد ويكون مجموع للقيدين هو المسمى، وهما المشترك وقيد التتبع، فيكون المسمى واحداً فلا يكون مشتركاً، فحصل العموم من غير إشكال، فهذا هو الملجئ لهذا الحد الغريب.
والمطلق هو اللفظ الموضوع لمعنى كل نحو رجل، والمقيد هو اللفظ الذي أضيف إلى مسماه معنى زائد عليه نحو رجل صالح.
التقييد والإطلاق أمران إضافيان، فرب مطلق مقيد بالنسبة، ورب مقيد